إيران وإسرائيل.. من يصرخ أولا؟
تخوض إسرائيل وإيران حالياً صراعاً متصاعداً يُعد بمثابة اختبار لقدرة كل طرف على تحمّل الضربات واستعداده للمضي قدماً في دوامة التصعيد، وسط ترقب دولي لما قد تؤول إليه المواجهة.
ورغم التفوق الإسرائيلي الظاهري في المرحلة الأولى من الاشتباكات، فإن تطور الصراع سيكشف مدى صلابة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وكذلك حجم الاعتماد على الدعم الأمريكي في مواجهة خصم عنيد مثل إيران.
وفي تقرير نشرته صحيفة التايمز البريطانية، رأت الصحيفة أن إسرائيل تحتفظ بقدر أكبر من الخيارات في ساحة التصعيد، إذ أظهرت الضربات الأولية قدرة لافتة على توجيه أضرار كبيرة للبنية التحتية الإيرانية، بما في ذلك إمكانية استهداف منشآت حيوية كمصافي النفط، أو التلويح، ولو بشكل غير مباشر، بخياراتها النووية.
في المقابل، تمتلك إيران أيضاً أوراق ضغط، تتمثل في تنفيذ ضربات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية، رغم أن دقة صواريخها تظل أقل مقارنة بالقدرات الإسرائيلية. كما أن العديد من المنشآت الاستراتيجية الإيرانية محصّنة في مواقع تحت الأرض، ما يصعّب من مهمة استهدافها.
ويحذر التقرير من أن أي استهداف إيراني للبنية التحتية الاقتصادية الإسرائيلية، كالموانئ ومحطات الطاقة، سيقابل بردود أكثر عنفاً من قبل تل أبيب. كما أن مهاجمة أهداف أمريكية في المنطقة، وهو ما لوّحت به طهران، سيعني عملياً توسيع دائرة الصراع، واستدعاء مشاركة عسكرية أمريكية مباشرة، بما في ذلك استخدام قاذفات B-2 المزودة بقنابل خارقة للتحصينات.
وتبقى فعالية الضربات الإسرائيلية في تعطيل البرنامج النووي الإيراني محل تساؤل، فبالرغم من الإشادة باستهداف منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، إلا أن جزءاً كبيراً من البرنامج ما يزال محصناً تحت الأرض في منشآت مثل فوردو وأصفهان. وحتى الآن، لم يتضح ما إذا كانت إسرائيل قادرة على تعطيل هذه المواقع دون تدخل مباشر أو استخدام أسلحة خارقة.
ويشير التقرير إلى أنه مع استمرار العمليات، ستفقد بعض الضربات الإسرائيلية زخمها، خاصة مع شروع القوات الإيرانية في إعادة تنظيم صفوفها، واستخدام منصات إطلاق صواريخ متنقلة، وهو تكتيك أثبت صعوبته في تجارب سابقة خلال حربَي الخليج 1991 و2003.
وفي خضم هذه المواجهة، من المتوقع أن يتحول الصراع إلى حرب استنزاف، تُقاس بمدى القدرة على التحمّل وليس فقط بتفوق السلاح، وهو ما قد يُشكل أفضلية نسبية لإيران في ظل بنيتها السياسية والأمنية القادرة على امتصاص الصدمات لفترات طويلة.
ويخلص التقرير إلى أن نجاح أي صواريخ إيرانية في إصابة أهداف استراتيجية داخل إسرائيل سيُعزز من معنويات طهران، في حين أن أسر طيار إسرائيلي في الأجواء الإيرانية، إن وقع، سيُستخدم كورقة دعائية كبرى ضد تل أبيب.

