سياسة "حافة الهاوية" تدفع إيران نحو اشتباك قاتل
قال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم إن المشهد الإيراني يبدو محكومًا، بثنائية الخطاب الراديكالي والسلوك البراغماتي على الأرض.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن إيران، بدأت تدرك بوضوح حجم المخاطر الاستراتيجية التي قد تترتب على انهيار المفاوضات النووية مع واشنطن، وفي مؤشر لافت، وجّه وزير الدفاع الإيراني مؤخرًا تهديدات صريحة باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة في حال تعرّض إيران لأي عمل عسكري، في رسالة ردع مباشرة للولايات المتحدة، تهدف إلى كبح أي اندفاعة أميركية نحو خيار المواجهة العسكرية، خاصة في ظل تصاعد خطاب إدارة ترامب عن فقدان الأمل بالحلول الدبلوماسية.
وبيّن العتوم أن هذه التهديدات، وإن اتخذت طابعًا صداميًا، إلا أنها تكشف عن محاولة إيرانية مدروسة لإعادة ضبط قواعد الاشتباك، وإظهار امتلاكها لأدوات ردع هجومية إقليمية، سواء عبر قدراتها الصاروخية والطائرات المسيّرة، أو من خلال تفعيل أذرعها ووكلائها في مسارح النفوذ الإقليمي.
وذكر أن طهران تسعى عبر هذا التصعيد إلى ممارسة ضغوط غير مباشرة على الدول الحاضنة للقواعد الأمريكية في الخليج، في محاولة لدفعها إلى لعب دور الوسيط لدى واشنطن، بهدف تخفيف حدة المواقف الأميركية وتقديم تنازلات على طاولة التفاوض.
ولفت العتوم الانتباه إلى أنه يمكن قراءة التصعيد الإيراني أيضًا في سياق استراتيجية "رفع سقف الخطاب" قبيل أي جولة تفاوضية محتملة، حيث تشير تقارير إلى إمكانية عقد جولة سادسة من المباحثات، رغم حالة الغموض التي تكتنف مصيرها.
وأردف أن قناعة الإيرانيين المتزايدة بأن واشنطن، في ظل تركيبة إدارتها الحالية، ليست بصدد خوض مواجهة عسكرية شاملة في المنطقة، خصوصًا في ظل تعهدات ترامب السابقة بإنهاء الحروب الأميركية الخارجية، وهذا الإدراك يدفع طهران إلى التمادي في التصعيد، انطلاقًا من افتراض أنها تواجه إدارة مقيدة، تفتقر إلى هامش مناورة عسكري موسع.
في المقابل، لا يمكن استبعاد أن تكون التهديدات الإيرانية، بما فيها التلويح باستهداف السفارات الأمريكية في البحرين أو بغداد، جزءًا من مناورة تفاوضية محسوبة، تهدف إلى خلق حالة من التوتر الأمني الإقليمي، لدفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في مقترحاتها النووية المتعثرة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأشار إلى أنه لا يُخفى على صانع القرار الإيراني احتمال أن تواجه طهران ردًا أميركيًا تكتيكيًا غير مباشر، يستهدف وكلاءها وأذرعها في الإقليم، وتحديدًا في العراق، دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، ومثل هذا الرد، إن وقع، قد يُوظف من قبل واشنطن كورقة ضغط مقابلة على طاولة التفاوض، لتقليص مساحة المناورة الإيرانية.
واختتم العتوم حديثه بالقول إن سياسة "حافة الهاوية" هي الأداة الأبرز التي تلجأ إليها طهران لتعديل ميزان القوى التفاوضي، بانتظار ما ستؤول إليه الأسابيع القادمة من تغيّرات محتملة في قواعد الاشتباك الإقليمي والدولي.

