الاحتلال يُسوَّق كضحية والمقاومة تُجَرَّم كعدو

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الباحث والناشط السياسيّ الدكتور معن المقابلة إن المقاومة الفلسطينية، تُواصل في هذه اللحظة التاريخية المعقدة، ترسيخ حضورها السياسي والميداني كفاعل وازن في معادلة الصراع، يُعيد ضبط بوصلة الوعي الجمعي، ويفرض من جديد منطق القوة المبدئية في مواجهة منطق الهيمنة المصلحية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الكيان الصهيوني، بقيادة رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، يستغرق في توظيف أدوات الرمز الفارغة لإخفاء الهزيمة المتفاقمة؛ حيث احتفى مؤخرًا باستعادة رفات أحد جنوده الذين فُقدوا في لبنان عام 1982، في خطوة تعبّر عن محاولة بائسة لإنتاج سردية بطولية، تُخفي حجم التآكل الداخلي في منظومة "القوة الردعية"، التي طالما تباهت بها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

وبيّن المقابلة أن هذا النفاق السياسي العلني، المتجسّد في المبالغة الطقوسية حول رفاة فردي، يتناقض تناقضًا صارخًا مع صمت المؤسسة ذاتها عن مصير عشرات الجنود المفقودين أو المحتجزين لدى المقاومة، بل إن بعضهم، بحسب تقارير متقاطعة، قُتل بنيران جيشه أو تُرك يواجه مصيره دون أدنى اعتراف أو مساءلة.

ونوّه إلى أن نتنياهو يُواصل تجاهله المتعمد للأصوات المتعاظمة داخل الداخل الإسرائيلي، حيث تتواصل التظاهرات الحاشدة، مطالبة بإبرام اتفاق لتبادل الأسرى ووقف العدوان على غزة، إدراكًا منها بأن استمرار العمليات العسكرية يُنذر بانفجار داخلي يتجاوز قدرات "الدولة" على الاحتواء أو السيطرة، مضيفًا أن نتنياهو، المحاصر سياسيًا وقضائيًا، يعلم يقينًا أن لحظة إنهاء الحرب ستكون بمثابة الشرارة الأولى لانهيار سلطته، وربما لبدء مسار محاكمته بتهم طالما تأجل الحسم فيها تحت غطاء "التهديد الأمني"

وأشار المقابلة إلى أن بعض الأصوات – عربيةً كانت أم دولية – تتقدّم لتوجيه اللوم إلى المقاومة، مطالبين إيّاها بالاستسلام، ورفع الراية البيضاء، والتخلي عن سلاحها، تحت ذريعة "الحرص على المدنيين في غزة"، غير أن هذه المطالب، في عمقها، تنمّ عن ازدواجية أخلاقية فادحة، إذ لا تُوجّه ذات المطالب إلى الحكومة الإسرائيلية التي تواصل قصفها العشوائي، وتُنتج يوميًا مزيدًا من الموت، والتشريد، والدمار.

وطرح تساؤلًا حول كيفية إدانة المقاومة لأنها تدافع عن نفسها، بينما يُعفى المحتلّ من المساءلة؟... وكيف تُختزل الحرب في خطاب المظلومية الإنسانية، بينما يُغضّ الطرف عن السياق الاستعماري الذي أنتجها؟... بل كيف يُنتزع من الفلسطينيين حقهم الطبيعي في المقاومة، ويُقدَّم السلاح – لا الاحتلال – كجوهر الأزمة؟.

ولفت المقابلة الانتباه إلى أنه لا يمكن قراءة الدعوات إلى تفكيك المقاومة وسحب سلاحها بمعزل عن مشروع سياسي أوسع، يرمي إلى إعادة هندسة الوعي العربي، وتحويل خطاب "المصلحة" إلى أداة تطبيع مع واقع الاحتلال، تحت ذرائع براغماتية مزيّفة، فهؤلاء – وإن لبسوا عباءة الإنسانية أو الواقعية – ليسوا إلا الامتداد المدني لـ"الطابور الخامس"، الذي يتسلّل إلى الوعي الجماعي عبر شعارات ناعمة تُخفي وراءها منطقًا استسلاميًا ناعمًا، أكثر خطورة من العدو الظاهر.

واستطرد قائلًا إن الدفاع عن المقاومة في هذه اللحظة لا يُعدّ خيارًا عاطفيًا، بقدر ما يعد ضرورة استراتيجية تتصل بمفاهيم السيادة، والكرامة، والهوية، فالمعركة اليوم تتجاوز جبهات القتال، لتصل إلى جبهات المعنى، وتعيد اختبار من يصطف مع الحق كقيمة مطلقة، ومن يتماهى مع القوة كمصلحة آنية.

وأردف المقابلة أن الوقوف مع المقاومة، في بعدها التحرري الكامل، هو موقف ضد الاحتلال كما هو موقف ضد النفاق، وضد تزييف الوعي، وضد اختطاف الخطاب العربي في لحظة فرزٍ أخلاقي لم تعد فيها المنطقة تقبل الحياد.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية