سوريا على صفيح طائفي ساخن
شهدت الساحة السورية، يوم الأربعاء، موجة جدل واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، عقب تطورات ميدانية وأمنية شهدتها منطقتا أشرفية صحنايا وجرمانا بريف دمشق، حيث تقطن أعداد كبيرة من أبناء الطائفة الدرزية.
وتعود جذور الأحداث إلى هجوم شنّه مسلحون على عناصر من الأجهزة الأمنية السورية، ما دفع الحكومة إلى إرسال تعزيزات إلى أشرفية صحنايا بهدف فرض الأمن ونزع السلاح من المسلحين. إلا أن مجريات الأمور سرعان ما تصاعدت مع تداول مقاطع فيديو تظهر تدخلاً إسرائيلياً جوياً في المنطقة، وسط مزاعم عن دعم الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، لهذا التدخل.
التدخل المزعوم أثار موجة غضب وانتقادات، طالت الشيخ طريف والشيخ حكمت الهجري، حيث اعتبر مغردون أن مواقفهما ساهمت في تأجيج الفتنة داخل سوريا، متداولين العبارة الشعبية: "المتغطي بإسرائيل عريان"، في إشارة إلى رفض ما وصفوه بمحاولة استغلال الطائفة الدرزية لتنفيذ أجندات خارجية.
ويرى محللون أن ما حدث في صحنايا ليس حادثاً معزولاً، بل جزء من مشروع أوسع يستهدف تفكيك سوريا، مؤكدين أن الهدف من هذا التدخل ليس حماية الدروز، بل توظيفهم ضمن مخططات تقسيم البلاد، بدءاً بطرح فكرة "كيان درزي عازل"، وهو طرح وصفوه بالخطير والمرفوض من غالبية السوريين.
في هذا السياق، أكد نشطاء على أن الأزمة في مناطق جرمانا وصحنايا والسويداء لا تستند إلى خلافات دينية أو طائفية، بل تعود في جذورها إلى أزمات اجتماعية واقتصادية متراكمة، فاقمتها تصريحات مثيرة للجدل أطلقها بعض الشخصيات الدينية.
وأبدى العديد من المغردين استياءهم من التدخل الإسرائيلي، معتبرين أنه يسيء إلى صورة الطائفة الدرزية، التي حافظت طيلة عقود على حضور وطني فاعل، اتسم بالاعتدال والتعايش مع مختلف مكونات المجتمع السوري، وبالعداء التقليدي لأي تدخل أجنبي.
وفي المقابل، حظي موقف شيوخ عقل الطائفة في سوريا، مثل الشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف الجربوع، بتقدير واسع، إلى جانب تحركات قائد قوات "شيخ الكرامة"، ليث البلعوس، التي ساهمت في تهدئة الأوضاع. كما لقيت مشاركتهم في اجتماع رسمي ضم محافظي ريف دمشق والسويداء والقنيطرة ترحيباً باعتباره خطوة نحو التهدئة والتسوية.
وفي خضم هذه الأزمة، شدد مستخدمو مواقع التواصل على ضرورة رفض الخطاب الطائفي بكافة أشكاله، داعين إلى الإبلاغ عن أي محتوى تحريضي أو إساءات تمس الكرامات على أساس ديني أو طائفي. وأكدوا أهمية التفريق بين النقد المشروع والتعميم المسيء، مشيرين إلى أن انتقاد شخصيات مثل حكمت الهجري أو تنظيمات مثل حزب العمال الكردستاني لا يبرر الإساءة لطائفة أو مكوّن بأكمله.
كما شدد المغردون على أن وحدة السوريين، بمختلف أطيافهم، هي السبيل الوحيد لإنهاء الفوضى والانقسامات، مؤكدين أن تعزيز دولة المواطنة العادلة هو الحل الأمثل بعيداً عن الاصطفافات الدينية أو العرقية.
وأثارت المشاهد المصوّرة التي أظهرت وجود أسلحة ثقيلة بيد المجموعات المسلحة في صحنايا تساؤلات كبيرة حول مصادر التمويل والتسليح، وسط دعوات لفتح تحقيق شفاف يوضح خلفيات ما جرى.
في المقابل، أعرب كثير من المواطنين عن دعمهم للدولة السورية والجيش في مساعي بسط الأمن والتصدي لأي مظهر مسلح خارج عن القانون، معتبرين أن الحفاظ على التلاحم الوطني هو الرد الحقيقي على محاولات التفتيت.

