الزيود تكتب: وزراء بلا ملامح ينتظرون قرار الدولة

{title}
أخبار الأردن -

 

دعاء الزيود

في الوقت الذي يترقّب فيه الأردنيون ملامح التعديل الوزاري الأكبر على حكومة الدكتور جعفر حسان، يتصاعد في الصالونات السياسية سؤال مختلف: لماذا تأخّر التعديل كل هذا الوقت؟ ولماذا لم يُحرّك رئيس الوزراء ملف التقييم السياسي لبعض الوزارات التي اختارت الصمت، أو فُرض عليها الصمت، في ذروة الحاجة إلى صوتها؟

التعديل المقبل، وفق ما تسرّب من مجالس مغلقة في عمّان، سيطال وزارات حيوية مثل الإعلام، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية، والعمل، والشباب، والصحة، وغيرها. لكنّ الأهم من ذلك ليس "مَن سيأتي"، بل "مَن بقي طويلًا دون مساءلة".

من بين هذه الحقائب، ثمّة وزارة تماهت مع الغياب، حتى صارت أشبه بجهاز بيروقراطي يُدار ذاتيًا، دون أي حضور سياسي حقيقي. وزيرها – دون تسميات – اتخذ من الحذر سياسة، ومن الصمت منهجًا، تاركًا ملفات ملحّة تواجه مصيرها وحدها. شكاوى الناس، الأزمات اليومية، وحتى استحقاقات الدولة في قطاعات تمسّ حياة المواطن، لم تجد في هذا الوزير شريكًا فاعلًا، بل موظفًا كبيرًا يجيد المراوغة الإدارية ويتقن فنّ الإطالة في الردود الغائبة.

في زمن تتداخل فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مع المزاج الشعبي المرهق، لم تعد "السلامة من الخطأ" مبرّرًا لبقاء الوزير؛ بل إنّ الغياب عن المشهد هو الخطأ بعينه. والوزير الذي لم يُحسب عليه تصريح مثير، لم يُحسب له موقف وطني جريء.

السؤال الأهم اليوم: هل التعديل الوزاري القادم مجرّد تدوير للأسماء؟ أم أن رئيس الوزراء سيكسر، هذه المرة، معادلة "الوزير الآمن سياسيًا"، ويذهب نحو مساءلة الأداء لا الأشخاص؟ وهل ستعيد الحكومة تعريف العمل الوزاري بوصفه وظيفة سياسية في الأساس، لا منصبًا بروتوكوليًا يكتفي بالشكر في الاجتماعات الوزارية؟

ما تحتاجه الدولة اليوم ليس وزراء يجيدون التوقيع على الكتب الرسمية، بل مسؤولين يملكون الجرأة على مواجهة الواقع، والنزول إلى الشارع، والاشتباك مع القضايا، لا التواري خلف جدران المكاتب.

التعديل القادم ليس اختبارًا للحكومة فقط، بل للدولة العميقة أيضًا: هل هناك إرادة حقيقية للتجديد والتغيير؟ وهل ستُغادر بعض الأسماء القائمة التي استهلكها الوقت وفقدت صلاحية المبادرة؟

حين يتحوّل الغياب إلى سياسة، لا بد من وقفة حقيقية. لأنّ الكرسي، في نهاية المطاف، ليس مجرد مقعد... بل مسؤولية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير