الرواشدة يكتب: ‏نريد "مكاشفات " حتى لو كانت صادمة

{title}
أخبار الأردن -

 

‏حسين الرواشدة

‏ما الرسالة التي تريد إدارات الدولة أن تصل للأردنيين في هذه المرحلة ؟ استدعاء هذا السؤال - وإن جاء متأخراً- يبدو ضروريا لأسباب عديدة ؛ أهمها فوضى النقاشات العامة التي أغرقت مجتمعنا بكثير من الهواجس والاتهامات المتبادلة ، ثم كشفت ما نعانيه من نقاط ضعف في بعض مفاصلنا السياسية والاجتماعية ، ومنها محاولات اختطاف الشارع من قبل بعض القوى السياسية ، وسط غياب أي قوة أخرى موازية وقادرة على تصدير خطاب يصنع حالة "اتزان " وطني ، ويعيد إنتاج "عقلنة "الخطاب العام ، ومنها انكفاء الطبقة السياسية الرسمية والشعبية ، وتراجع دور وسائط التوجيه الوطني ، وغياب الرواية الرسمية أو تأخر وصولها إلى الجمهور.

‏منذ عام ونصف ، بدأت "كرة الثلج " تتدحرج في فضائنا العام ، وعلى أرض الواقع أيضا ، كان يجب وقتها أن نتوافق جميعا على تعريفات محددة للمصالح العليا في مواجهة مستجدات الحرب على غزة وتداعياتها ، كان يجب أن تقوم ادارات الدولة بقيادة الشارع وأن تحدد السقوف التي يفترض أن يتحرك فيها ، كان يجب أن نصارح الأردنيين بالأخطار التي تحيط بنا ، وحدود استعداداتنا وإمكانياتنا وخياراتنا لمواجهتها، كان يجب أن نكيّف خطابنا العام مع استراتيجية استشراف مدروسة لتطورات الحرب واستحقاقاتها، وتحولات السياسة في الإقليم والعالم ، كان يجب أن ننجز عملية إستدارة للداخل ، تضمن وجود جبهة داخلية قوية ومتماسكة ، وخطط جاهزة للتعامل مع أي تهديدات سياسية أو اقتصادية.

‏لا شك أننا أنجزنا وأصبنا أحيانا ، وربما قصرنا وأخطأنا احيانا أخرى ، لا مجال للدخول في هذه التفاصيل ، نقطة الاختلاف ، أصلا ، هنا ، أقصد الرواية التي تجعلنا موحدين أكثر أمام هذه المرحلة واستحقاقاتها ، الصواب والخطأ، الإنجاز المطلوب ، المواقف التي تصب في مصلحة البلد، السلوك السياسي الذي يتوافق مع الأهداف الوطنية العامة ، لا يمكن بالطبع " قولبة" كل ذلك بوصفة جاهزة ، او إقصاء التعددية والاختلاف المشروع ، لكن المقصود هو الاستثمار في هذه التعددية لبناء حالة أردنية صلبة وقائمة على عناوين محددة، أهمها أن الأولوية هي الأردن ومصالحه ، وما عدا ذلك يمكن تأجيل النقاش حوله.

‏الآن ، أعتقد أن الصورة تغيرت تماما ، حركة إدارات الدولة -منذ اكثر من أسبوعين - تسارعت نحو حسم الملفات العالقة ، وفي مقدمتها ملف الداخل الأردني وعلاقة المجتمع بالدولة ، عنوان الحسم، في تقديري، هو "المكاشفات" حتى لو كانت صادمة ، العديد من الحوادث الأمنية والسياسية التي تعرض لها بلدنا في الأشهر الماضية، والأطراف التي تورطت بها ، وما يتعلق بها من تهديد للأمن الوطني، يبدو أنه حان الوقت للكشف عن تفاصيلها،

‏التدابير التي تفكر الدولة باتخاذها لمواجهة المخاطر القادمة يبدو كذلك أنه حان الوقت لمصارحة الأردنيين بها ، هذا يعني أننا سنكون أمام مرحلة جديدة من التعاطي مع تداعيات الحرب واستحقاقاتها على صعيد الداخل الأردني في كافة المجالات ، وبشكل مختلف ايضا.

‏باختصار ، إدارات الدولة الأردنية ، في تقديري ، أصبحت جاهزة لتدشين مرحلة "ترتيب البيت الأردني" على إيقاع ما حدث خلال عام ونصف، وما هو متوقع في القادم ، وفق معادلات تؤكد قوة الدولة وصلابتها وقدرتها على ضمان أمن البلد واستقراره ، ومراعاة خياراته واضطراراته، أتوقع ان تكون الأيام القادمة حبلى بفتح ملفات عديدة ، خذ مثلا مسيرات الشارع وحراكاته ، سلوك بعض التيارات السياسية والاحزاب ، ملف نقابة المعلمين ، مخرجات عملية التحديث السياسي ، التغييرات في المواقع العامة ، وربما غيرها مما يحتاج إلى مراجعات وقرارات قد تشكل في مجملها الرسالة التي تريد الدولة أن تصل للأردنيين في هذه المرحلة. دعونا ننتظر ونرى.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير