العتوم يكتب: الشيعة العرب: قربان ايران على مذبح المحرقة الاقليمية القادمة

{title}
أخبار الأردن -

 

د.نبيل العتوم

ما كشفه معاون الحرس الثوري الإيراني العميد عبدالرسول مهوري ليس مجرد تصريح عابر، بل نافذة على سياسات إيران الخفية التي تستخدم الدين والولاء الطائفي كغطاء لصراعات استراتيجية خطيرة. في حديثه الأخير، قال مهوري إن "اسم العدو اليوم تغيّر، لكن طبيعة العدو هي نفسها؛ فكما نرى حلّ ترامب الأحمق محلّ معاوية"، مشيراً بذلك إلى استمرار الصراع بين الحق والباطل عبر التاريخ، وكأن الأعداء يتغيرون لكن الأقليات الشيعية تبقى أدوات في مسرحية عقائدية مكتوبة من قبل الحرس الثوري.

لكن الحقيقة أكثر قتامة. إيران لا تكتفي بتصوير الحرب كاختبار للإيمان، بل تحوّل حياة الناس إلى رهينة، وتسخر دماء الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان واليمن لتغطية مصالحها الإقليمية. القادة الذين فقدتهم الحرب الأخيرة، مثل سلامي وحاجي‌ زاده وباقري ورشيد، أصبحوا رموزاً للتضحية، بينما يظل المواطنون العاديون وقوداً حقيقياً في صراع لا يخدم مصالحهم، بل يكرّس النفوذ الإيراني ويعمّق الانقسامات داخل مجتمعاتهم.

تصريحات مثل هذه لا تؤثر على إيران وحدها، بل تحمل انعكاسات مباشرة على الأقليات الشيعية في العالم العربي، خصوصاً في العراق ودول الخليج حيث تتواجد قواعد ومصالح أمريكية. مثل هذه الخطابات تزيد من مخاطر استهداف هذه المجتمعات وتدخلها في فتنة داخلية مذهبية جديدة ، وتضعها في مواجهة مباشرة مع التوترات الإقليمية، حيث يمكن أن تُوظفها سياسياً أو عسكرياً أو استخباريا ضدها تحت شعار "الدفاع عن العقيدة" أو "المواجهة مع العدو". وهو ما يخلق حالة من القلق المستمر بين الأقليات الشيعية، ويعرضهم للاتهامات والضغط ، ما يضاعف هشاشتهم ويجعلهم جزءاً من لعبة نفوذ طهران بعيداً عن مصالحهم الحقيقية وهو ما تسعى اليه دولة الولي الفقيه رغم وعي الكثير من أبناء الطائفة الشيعية بمغامرات ايران .

ما تفعله إيران ليس مجرد سياسة، بل لعبة دم: تحويل الدين والمذهب إلى أداة، وتحويل الطائفة إلى قربان، وإخفاء الحقائق وراء شعارات العقيدة والمقاومة. كل مواجهة تُقدّم على أنها نصرة للحق، لكنها في الواقع استمرار لدورة العنف والدمار ، وتأجيل للحلول السياسية، وزيادة لمعاناة شعوب لا حول لها ولا قوة في صراعات الكبار. إيران بهذه الاستراتيجية تثبت أن مصالحها أهم من دماء الأبرياء، وأن العقيدة والطائفة مجرد ستار لإخفاء الحسابات السياسية. القادة وعائلاتهم ومحاسيبهم اللذين يعيشون في رفاه غير مسبوق رمز للوفاء، و الشيعة تدفع الثمن الحقيقي. الصراع ليس بين الحق والباطل كما تدعي طهران ؛ بل بين مصالح دولة تحترف استخدام الدين كأداة للتوسع والهيمنة والمصلحة على حساب حياة البشر العاديين .

 

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية