المومني يكتب: كابوس الضم وتطبيع ممارسة الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة عالمياً

{title}
أخبار الأردن -

  د. حسن محمد المومني

لطالما كانت ممارسة الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة اشكالية كبيرة في العلاقات الدولية قديما و حديثا حيث ان كثيرا من الحروب و النزاعات الطويلة كان واحد من اهم اسبابها هي هذه الممارسة، فالحرب العالمية الاولى و الثانية كان من أسبابها الرغبة في توسيع النفوذ الحيوي و الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة وبخاصة من قبل الدول الكبرى المتنافسة و بشكل متعامد مع هذه الممارسة الاشكالية فان المجتمع الدولي وفي سياق عمليات السعي من اجل التحضر الانساني قد بذل جهودا مضنية للتعاطي مع هذا الامر من خلال تطوير و تفعيل القانون و ال?واثيق و انشاء الهياكل الدولية الإقليمية مثل الامم المتحدة وميثاقها الشهير الذي اكد على مبدأ عدم جواز الاستيلاء و احتلال اراضي الغير بالقوة و ادارة العلاقات الدولية و حل النزاعات بالطرق السلمية. وفي سياق القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية و العربية كان هذا المبدأ حاضرا في كثير من الجهود و القرارات الاممية وخاصة قرار مجلس الامن ذات الصلة.

حاليا يشهد العالم تحولات عميقة قائمة على البراغماتية و الواقعية الميكيافيلية في العلاقات و النظام الدولي بسبب الحالة التنافسية بين القوى العظمى كامريكا و الدول الصاعدة كالصين في سياق تنافسي وحروب اقتصادية تكنولوجية و تحولات اجتماعية سياسية عميقة في مجتمعات هذه الدول وبالذات الامريكية و الاوروبية منها. امريكيا وبقيادة ترمب حاليا تحاول ان تخلق نظاما دوليا جديدا يراعي المصالح الامريكية اولا بغض النظر عن الوسيلة وذلك من خلال استخدام الضغوط و العقوبات و الحروب التجارية و صفقات وتسويات مفروضة على الأصدقاء والمنا?سين تهدف الى خلق و اقتسام فضاءات نفوذ عالمية مع قوى عالميةكروسيا و الصين. منذ فوزه بالرئاسة الثانية بدأ ترامب بالمطالبة بالاستيلاء على اراضي الغير كمطالبته بإعادة السيطرة على بنما، ضم جرين لاند و حتى كندا ثم روئيته و طرحه لحل الصراع الاوكراني الروسي من خلال الاعتراف بالامر الواقع و ضم روسيا لجزيرة القرم و كثير من المناطق في شرق اوكرانيا اضافة الى موقفه المؤيد لاسرائيل في مسألة الضم و ترحيل سكان غزة و السيطرة عليها. هذا النهج إذا ما نجحت الادارة الامريكية في تطبيقه من خلال تسويات مفروضة فلسوف يتم تطبيع ممار?ة الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة عالميا و اضمحلال مبدأ عدم جواز الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة مما سوف يسهل ويشجع إسرائيل اليمينية المتطرفة دينيا و قوميا على الذهاب قدما بضم اجزاء كبيرة من الاراضي الفلسطينية ان لم يكن كلها بموافقة امريكية غير مسبوقة. فلقد سبق و ان اعترف ترمب بضم القدس و الجولان و اجزاء كبيرة من الاراضي الفلسطينية. صحيح ان ايقاف الوحشية البربرية الاسرائيلية اتجاه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية هي أولوية ملحة لكن في السياق الاستراتيجي المتعلق بمستقبل ووجودية القضية الفلسطينية والش?ب الفلسطيني على أرضه فان مسألة افشال خطط الضم هي أولوية الأولويات وعليه يجب ابتداء أن يستعيد الشارع الفلسطيني في الأراضي المحتلة حيويته وعافيته وتثبيت الفلسطيني على ارضه من خلال دعم عربي ودولي حقيقي وتوحيد وإصلاح الهياكل الممثلة لهذا الشعب.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير