غرايبة يكتب: الخطة المرسومة للمنطقة

رحيل غرايبة
**هل تغيرت المعادلات السياسية القائمة والمعتمدة على الصعيد الإقليمي والدولي ..؟ وهل نحن أمام سياسات دولية جديدة ؟ **
يبدو أن ترامب كان مع نخبة منتقاة تعد مسبقا لدورة ترامبية جديدة تتغير فيها المعادلة السياسية الكبرى على الصعيد الأمريكي المحلي ، وعلى صعيد علاقاتها مع مختلف دول العالم القريبة والبعيدة والصديقة وغير الصديقة ؛ وفق شعار إعادة العصر الذهبي الأمريكي تحت فرضية أمريكا القوة العظمى المتفردة في العالم .. على اعتبار أن بايدن والحقب الديموقراطية قد فرطت بهيبة امريكا وقوتها ومقدراتها ..
أصبحت ملامح الخطة الأمريكية الجديدة المرسومة واضحة منذ فوز ترامب من خلال قراءة الخطوط العريضة التي تم التصريح بها ..
الكلام في هذا السياق طويل يحتاج إلى شرح مطول ، لكن ما يهمنا من ذلك الجانب المتعلق بخطوط السياسة الأمريكية في الخارج وخاصة فيما يتعلق بما يطلقون عليه الشرق الأوسط ..
الملامح الأولى الظاهرة تتمثل بثلاثة خطوط رئيسة :
*الاول : التفاهم مع روسيا فيما يتعلق بأوكرانيا ، وجوهر المسألة يقوم على ركيزتين ؛
ـ أن روسيا ما عادت تشكل خطراً مستقبليا على أمريكا والغرب عموما.. كما كان على زمن الاتحاد السوفياتي , بدليل أنها لم تستطع هزيمة أوكرانيا على مدار ثلاث سنوات ، ولذلك الحل بالتفاهم مع بوتين بالإضافة إلى أخذ الثمن من خلال استثمار الشركات الأمريكية بمعادن أوكرانيا .. بالإضافة إلى التفاهم حول الوجود الروسي في سوريا والبحر المتوسط والشرق الأوسط بعامة ، ولا بد من انتزاع الصمت الروسي إزاء ما يجري في غزة ..
وفي هذا الصدد يجري التخلي عن الإنفاق على حلف شمال الأطلسي الذي لم يعد له حاجة .. والتخلي عن عبء حماية الاتحاد الأوروبي كله ..
*الخط الثاني : التفاهم مع تركيا فيما يتعلق بسوريا .. وهذا يقتضي التوافق على شكل الحكم في سوريا وفيما يتعلق بالأكراد والبترول والغاز .. وبقية الأقليات والقواعد الروسية والأمريكية ، بالإضافة إلى شكل العلاقة بين سوريا الجديدة و(اسرا.ئيل) .. ومستوى التسليح للنظام الجديد ، وكذلك "المجاهدين" الأجانب المنخرطين بالقوى المتحالفة مع الشرع ، وكذلك التفاهم حول الموقف التركي إزاء غزة أيضا .. وتفصيلات أخرى كثيرة ..
*الخط الثالث : إطلاق يد (إسرا.ئيل) في غزة والضفة والمنطقة كلها .. ورسم علاقتها مع الدول العربية في الإقليم والوصول إلى التطبيع الكامل مع العرب بما في ذلك المملكة السعودية التي كانت على وشك التوقيع لولا 7 أكتوبر ..
وترتكز السياسة الأمريكية ازاء اسرائيل على الإبقاء على هدف جعلها القوة المهيمنةحاضرا ومستقبلا ، وإزالة التهديدات التى تحول دون تحقيق هذه الهيمنة المتفردة ، وهذا يقتضي ما يلي :
- إنهاء المقاومة المسلحة وعلى رأسها حماس .. سواء في غزة أو الضفة التى تعيق خطوات الحل النهائي في تصفية القوة الفلسطينية نهائيا بالتعاون مع جميع دول المنطقة طوعا أو كرها ..
- إنهاء قوة حزب الله وتفكيك أسلحته وتسليمها .. وتحول الحزب إلى قوة سياسية مجردة من القوة المسلحة ..
- تجريد ايران من قوتها النووية المحتملة والصواريخ البالستية كما تم التعامل مع العراق تماما في السابق .. بحيث تم تجريد العراق من كل مظاهر القوة الاستراتيجية التي تهدد قوة (اسرا.ئيل) المهيمنة على الاقلبم ..
بالإضافة إلى قصقصة أذرع إيران في المنطقة كلها .. وما يجري الآن في اليمن يأتي في هذا السياق .. بعد أن تم أضعاف حزب الله وإضعاف حماس ومحاصرتها لتحقيق الهدف السابق ..
ويجري الآن التفاوض بين أمريكا وإيران حول تسليم أسلحتها النووية والإستراتيجية أو التهديد بضربة ماحقة ..
ويتبع ذلك نهب أموال النفط واستثمارها في أمريكا وقد حصل على وعود من دول الخليج الرئيسية بما يزيد عن 2 تريليون حتى الآن ..
والسؤال: هل سيتم تنفيذ هذه المعادلات السياسية الترامبية الجديدة وفق هذه الرؤية ؟.. أم أن هناك عوائق سوف تحول دون تنفيذها أو تنفيذ بعضها على الوجه المراد ..؟! وما هو الموقف الصيني التي أصبحت بنظر الأمريكان هي الخطر الاول ..
قراءة الواقع تقول ليس هناك قوة قادرة على مناهضة هذه الخطة في المنطقة ، ولم يتم حتى الآن بناء قوة إقليمية قادرة على منع تغير المعادلة القديمة على سوئها ..
الا اذا أراد الله غير ذلك وهيا الأسباب لتغيرات غير محسوبة .. ولم يظهر معالم قوة عالمية موحدة تجمع روسيا والصين ودول أخرى مؤثرة قادرة على فرض معادلة مناهضة مختلفة .. ..
ما هو واجبنا نحن ..؟
أعتقد أن المعني الأول بالسؤال الشعوب العربية ..فعليها بعد أن انكشاف الأمر أن تسعى لتحرير نفسها أولا .. وأن تمتلك حريتها الكامله بتقرير مصيرها واسترجاع سلطتها باختيار حكوماتها .. وأن تتخلص من التبعية للأجنبي وانقإذ نفسها من الانخراط بمخططات عدوها ..
وبعد ذلك الشروع بتشكيل نواة قوة عربية متحدة .. تملك قرارها ورؤيتها المكتملة لمستقبلها وحماية أبنائها .. والدفاع عن أرضها ومقدساتها .. وصيانة مقدراتها ..