أبو حويله يكتب: هل تغيرنا

{title}
أخبار الأردن -

  إبراهيم أبو حويله ...

لم يحدث أن خرج الإستعمار من أرض نتيجة لمقاومة من جيوش نظامية ، ولكن نتيجة لمقاومة إستنزافية زادت التكلفة المادية والبشرية لهذا الإستعمار ، وجعلت وجوده في الحقيقة تكلفة مرتفعة ومزعجة وساهمت بجعله يفر من هذه الأرض القاسية .

نحن نعاني من هذه التركيبة النكدة ، فنحن نستورد سلاحنا وعتادنا وطائراتنا وآلياتنا ، وهم يمنعون ويمنحون ، نعم ما زلنا تحت هذه الرحمة ورغم العقود الطويلة لم نصل إلى الإستقلال في هذه الناحية المهمة من تقرير المصير ، ومن المحافظة على الأوطان وإستقلالية القرار .

ولذلك إنجاز الدول المحيطة للكيان ما لم تكن مجتمعة وهذا الذي لم يحصل في الحقيقة وإن حصل ظاهريا سابقا،  ولكن رأينا أن النصر تحقق على الكيان من قبل دول منفردة كما حدث في معركة الكرامة ومع مصر ، ولكن توحد الأمة على أهداف إستراتيجية ما زال بعيدا للأسف،  وما حدث مع دول مثل العراق وسوريا واليمن يجعل المعادلة أصعب ، وتحتاج الى إعداد على مستوى الإنسان والأمة .

في المقابل الإنجازات الميدانية واحتلال المساحات والأرض لا يشكل فرقا كبيرا للمقاومة الميدانية ، ولذلك يكون التأثير عليها بضرب البنية التحتية المدنية وضرب المدنيين الذين هم أهلهم وإبناؤهم ومن يقوم بدعمهم ، ويحرص على خلق هذا الشرخ بين المدنيين وبين المقاومة ، وهذا كما فعلت كل قوى الإستعمار للأسف قبل ذلك ، فقد يبيدون قرى كاملة لأن رصاصة واحدة أصابت جندي مستعمر .

العدو يدرك ذلك تماما إن إلحاق الضرر بهذا النوع من المقاومة هو عبر ضرب البنية التحتية والمعيشية والمدنيين وسبل تأمين  حياة واقصد حياة بحدها الأدنى ، فالعدو يحرص على حرمان المناطق المقاومة حتى من تأمين الحد الأدنى للحياة لضربها في مقتل .

ولأجل هذا  لا بد برأيي من إعادة تشكيل رأي عربي موحد بخصوصها ، خاصة بعد أن إتضح للجميع بأن الغرب منحاز تماما لمصالحه ، ولا يراعي مصالح الأمة ، ولا مصالح حكامها ، وقد يحرج الحكام حتى من الذين يقدر مواقفهم يحسب حسابهم ، إذا تعارضت مع مصالحه أو مصالح حلفائة الذين نعرفهم .

و ما يجعل اليه ود يشعرون بالخوف الشديد ، فهذه الإرهاصات هي الطريق التي ساروا فيها للسيطرة على فلسطين ، حرب عقدية مقابل جيوش نظامية ، وحرب عصابات مقابل جيوش ثقيلة ، وتخفي وإنسحاب وأنفاق ومصانع تحت الأرض في مقابل مدنيين ومراكز سيطرة وقرى ظاهرة ودولة ذات سيادة وحضارة .

نعم لقد بدأت رحلة الصها ينة عبر الإنفاق والمغتصبات البعيدة عن الأعين والمصانع المخفية تحت الأرض،  والتجهيز والتنقل في عربات مدنية وسيارات نقل الحليب .

وهم يشعرون اليوم بأن كل ما قاموا به إلى اليوم لم يعطهم نصرا حقيقيا لا أمام شعوبهم ولا أمام العالم ، فهم يقتلون أطفالا ويقتحمون مستشفيات ويبحثون عن أشباح هناك لا يرونهم.

وكانت الجيوش العربية الخارجة من عباءة الإستعمار حديثا ليس لديها معرفة في العلوم العسكرية والحروب والخبرات تتجمع ببطىء ، وتسعى لتشكيل جيوش نظامية ، والكثير منها لم يتم تأهيله ميدانيا ولا عقديا كما أشار إلى ذلك الفريق الشاذلي وقائد القوات العراقية في حينه .

ورغم ذلك كان هناك تضحيات كبيرة ومعارك مشرفة ، ولكن هذه الجيوش والمتطوعين كان ينقصهم الخبرة والعتاد والتدريب وفي صورة قيادة واعية وجندي واعي مع بعض الاستثناءات، في مقابل عصابات صه يونية مشكلة من أفراد قاتلوا في الحرب العالمية وتم تدريبهم وتأهليهم على كافة المعدات والأسلحة الحديثة في حينه .

وهذه العصابات مدعومة من أقوى دول إستعمارية في ذلك الوقت ، ولديها أمداد عسكري وأسلحة وتمويل من أغنياء اليه ود وفي المقابل كانت الجيوش العربية تحاول الحصول على السلاح من الأسواق السوادء بعد ان منعت الدول الإستعمارية والتي هي دول التحالف نفسها اليوم .

و التي تشن الحرب على غزة ، منعت الدول العربية والثوار في فلسطين من الحصول على سلاح ، وهكذا وقعت الجيوش العربية والثوار في فلسطين بين فكي كماشة العصابات الصه يونية المدربة ونقص السلاح والتدريب .

ونحن اليوم وبعد عقود ما زلنا نعاني من نفس العقدة مع تغير بسيط، ولكن ما زالوا هم جبهة موحدة بتفوق في العدد والامكانيات والدراسات والتقنية،  ومازلنا نحن في موقع متراجع في كل ذلك

ولن تحدث المقاومة الناعمة إلا زيادة في الرغبة في البقاء والسيطرة على هذه الأرض الناعم أهلها ، ما لم يتغير تفكيرنا واولوياتنا واعدادنا. 
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير