الاقتصادات العربية بين لعنة ونعمة النفط وفرصة التنويع الاقتصادي

منذ اكتشاف النفط في الدول العربية، تحول إلى المصدر الأساسي للدخل مما أدى إلى ازدهار اقتصادي ملحوظ لكنه في الوقت نفسه خلق حالة من الاعتماد المفرط جعلت هذه الاقتصادات رهينة لتقلبات أسعاره. اليوم لا تزال بعض الدول العربية تعتمد على النفط بشكل شبه كلي، مثل العراق حيث يشكل النفط 90% من الصادرات ، بينما تسعى دول أخرى مثل السعودية والإمارات إلى كسر هذه الحلقة عبر استراتيجيات تنويع الاقتصاد.
لكن قلة منها استثمرت هذه الأموال في بناء اقتصادات مستدامة ففي حين أن 67.9% من الصادرات العربية هي صادرات وقود لم تتجاوز الصناعات التحويلية 11.4% من الناتج المحلي مما يكشف عن ضعف واضح في الإنتاج غير النفطي. وبالمقارنة نجد أن دولًا مثل النرويج نجحت في استثمار عائدات النفط في صناديق سيادية مما وفر لها مصادر دخل مستدامة للأجيال القادمة.
السعودية وضعت خطة طموحة لتقليل الاعتماد على النفط وحققت تقدمًا واضحًا حيث ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 52% من الناتج المحلي أما الإمارات فقد نجحت في جعل 40% فقط من ناتجها المحلي يعتمد على النفط بفضل استثمارات ضخمة في السياحة والخدمات المالية والبنية التحتية.
هناك عدة عوامل تعيق تحقيق التنويع الاقتصادي في بعض الدول العربية، أبرزها البيروقراطية والفساد وضعف الاستثمار في التعليم والتكنولوجيا العراق الجزائر وليبيا على سبيل المثال لا تزال اقتصاداتها تعتمد بشكل أساسي على النفط دون سياسات واضحة لتنويع مصادر الدخل مما يجعلها أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية عند انخفاض أسعار النفط.
مع تحول الاقتصاد العالمي نحو الطاقة المتجددة، فإن النفط لم يعد الضمان الآمن للمستقبل وهو ما يستدعي تحركًا سريعًا من الدول العربية لتنويع اقتصاداتها قبل فوات الأوان. يمكن أن يكون الحل في الاستثمار في الصناعات التحويلية والتكنولوجيا والزراعة والسياحة إلى جانب توفير بيئة استثمارية جذابة للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب.
إذا لم تخرج الدول العربية من عباءة الاعتماد على النفط قريبًا، فقد تجد نفسها في أزمة اقتصادية كبرى مع التغيرات العالمية المتسارعة الفرصة لا تزال قائمة لكن التحرك الفعلي يجب أن يكون الآن وليس عند وقوع الأزمة القادمة.
فهل يتحول النفط من نعمة إلى نقمة في المستقبل القريب