الأردنيون ومبدأ "القطّارة"... أزمة العيد تحل من جديد

قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت إن جيوب المواطنين باتت فارغة، وعاجزة عن تلبية أبسط الاحتياجات الأساسية، إذ لم يعد تأمين الغذاء والكساء والخدمات الصحية والتعليمية رفاهية، وإنما معضلة يومية تتفاقم مع استمرار الضغوط الاقتصادية المتصاعدة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأولوية المطلقة لدى غالبية الأسر أضحت سد الرمق، بينما باتت الطبقة الوسطى - التي كانت تُعدّ صمام أمان اقتصادي واجتماعي -تتصرف بحذر بالغ، متوجسة من المجهول الذي يكتنف مستقبل الاقتصاد الوطني.
وبيّن الكتوت أن المشهد الأكثر قتامة يتجلى في حالة عدم اليقين التي تسود الشارع الأردني، والتي تستمد جذورها من تعمّق مظاهر الأزمة الاقتصادية، بدءًا بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مرورًا بالتصاعد المستمر في حجم المديونية العامة، وانتهاءً بغياب سياسات اقتصادية قادرة على كبح التدهور المستمر.
وذكر أن هذا الوضع لا يمكن النظر إليه على أنه وليد اللحظة، بقدر ما هو إفراز طبيعي لنهج اقتصادي امتد لعقود، طُبعت قراراته بالتردد، وانعدم فيها التخطيط الاستراتيجي القادر على التأسيس لنمو اقتصادي مستدام.
وتُضاف إلى العوامل الداخلية تحديات خارجية ضاغطة، أبرزها تجميد المساعدات الدولية، وإيقاف المشاريع الممولة من الولايات المتحدة، التي استخدمت للابتزاز السياسي فضلًا عن إلغاء مزايا الصادرات، وفقًا لما صرّح به الكتوت لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونبّه إلى ما كان يُفترض أن تبادر الحكومة إليه من تبني سياسات طوارئ حقيقية، تضع حدًا للهدر المالي، وتعزز مفهوم الكفاءة في إدارة الموارد، من خلال إجراءات حاسمة، مثل فرض سقف أعلى لرواتب كبار المسؤولين لا يتجاوز ثمانية أضعاف الحد الأدنى للأجور، وإعادة هيكلة الإنفاق العام، وتوجيهه نحو قطاعات إنتاجية تخلق فرص عمل مستدامة، فضلًا عن انتهاج استراتيجية واضحة ترتكز على مبدأ الاعتماد على الذات.
واستطرد الكتوت قائلًا إن الاستجابة الرسمية لا تزال محصورة في الخطاب النظري، حيث يكتفي رئيس الوزراء بمخاطبة القطاع الخاص بضرورة تحفيز الاقتصاد وزيادة معدلات النمو، دون طرح آليات تنفيذية ملموسة أو سياسات عملية قابلة للتطبيق، وهنا تكمن المعضلة الحقيقية؛ إذ إن أي دعوة لتحريك عجلة الاقتصاد دون إجراءات إصلاحية جذرية تظل مجرد شعارات جوفاء، لا تسهم إلا في ترحيل الأزمات، وتعميق الشعور المجتمعي بفجوة متنامية بين الواقع المأزوم والخطاب الرسمي.