الأردنيون وورطة الاستهلاك المفرط قبيل العيد

قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن سلوك الأردنيين الاستهلاكي يتحدد – على غرار كثير من المجتمعات – وفقًا للسيولة النقدية المتاحة لديهم في مختلف الأوقات.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن توفر السيولة لديهم، يسمح لهم بالتوجه للإنفاق بسخاء، وأحيانًا بإفراط، كما هو الحال في بداية شهر رمضان، حيث شهدنا أنماطًا استهلاكية تتسم بالتوسع في شراء المواد الغذائية، بل وتخزينها بكميات تفوق الحاجة الفعلية، مما أدى إلى زيادة مستوى الهدر، لا سيما فيما يتعلق بالطعام والشراب والفواكه والخضروات، التي غالبًا ما ينتهي بها المطاف إلى التلف دون الاستفادة منها بالكامل.
لكن مع تقدم الشهر الفضيل، وتأثر السيولة النقدية لدى الأسر، تتغير الأولويات الاستهلاكية، ويبدأ الأفراد في ترشيد الإنفاق، إذ يعود ذلك إلى عاملين رئيسيين، أولهما هو التكيّف الطبيعي مع إيقاع رمضان الاستهلاكي بعد مرور نصفه الأول، وثانيهما تراجع القوة الشرائية نتيجة استهلاك جزء كبير من الراتب أو المدخول الشهري في بداية الشهر، ما يدفع الأسر إلى شراء احتياجاتها وفقًا لنمط انتقائي يتسم بالحذر والاقتصاد، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر أن هذا النمط يعد انعكاسًا لتغيرات اقتصادية أعمق، حيث يفرض الواقع الاقتصادي، بشح السيولة وتحديات المعيشة، إيقاعًا استهلاكيًا معينًا على المواطنين، مضيفًا أن هذه الظاهرة ليست حكرًا على الأردن، فقد نجدها في العديد من الدول، حيث تلجأ الأسر إلى استراتيجيات استهلاكية أكثر ترشيدًا، مثل البيع بالتجزئة بدلًا من الشراء بالجملة، فنجد في بعض الدول الأوروبية على سبيل المثال أن السلع تُباع بالقطعة، كتقسيم فاكهة كبيرة مثل البطيخ إلى أجزاء صغيرة تُباع منفردة، مما يقلل من الهدر المالي والغذائي.
ونوّه عايش إلى أن التخطيط الاستهلاكي لدى غالبية الأسر لا يزال محدودًا، ما يؤدي إلى إنفاق عشوائي في فترات توفر السيولة، ثم انتقال قسري إلى سلوك استهلاكي انتقائي عند انخفاض القدرة الشرائية، وقد يكون ذلك على حساب احتياجات أساسية، فالضرورة الاقتصادية تفرض نفسها على آلية الإنفاق، ما يستدعي إعادة النظر في العادات الشرائية، وتبني مفهوم "التسوق الذكي"، الذي يقوم على ترشيد الإنفاق بناءً على الاحتياجات الفعلية، وليس وفقًا للعادات الاستهلاكية التقليدية أو توفر السيولة اللحظية.
ولفت الانتباه إلى أن نسبة الهدر في الطعام والشراب خلال شهر رمضان قد تصل إلى 30% أو حتى 50% من إجمالي الإنفاق الأسري، وهي نسبة تشكل عبئًا على الاقتصاد الوطني وعلى ميزانيات الأسر نفسها، ولو تمت إعادة توجيه هذا الإنفاق غير المدروس إلى حاجات ذات أولوية، سواء كانت متعلقة بمستلزمات العيد أو الالتزامات المالية اللاحقة، لكان الأثر الاقتصادي والاجتماعي أكثر إيجابية.
وأكد عايش ضرورة إعادة هندسة سلوك الاستهلاك، بحيث يصبح أكثر وعيًا واستدامة، يُعد ضرورة حتمية لمواءمة الدخل مع الاحتياجات الفعلية، فمن الأجدى أن يكون قرار الشراء مبنيًا على متطلبات واقعية، وليس على رغبات لحظية تحكمها سيولة مؤقتة، لأن ضبط الإنفاق وترشيده أداة لضمان استدامة الموارد المالية للأفراد وللمجتمع ككل.