بني ارشيد لـ"أخبار الأردن": ليس مستغربًا ظهور أصوات معارضة داخل غزة

{title}
أخبار الأردن -

قال الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد إنه يقتضي فهم المواقف المتباينة داخل غزة تجاه المقاومة بالنظر إلى جملة من المحددات الموضوعية التي تفسر تلك الظاهرة، بعيدًا عن التفسيرات المبسّطة أو السرديات المختزلة.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المشهد في غزة معقد، ويتداخل فيه البعد الإنساني مع السياسي، في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من عام ونصف، حيث يتعرض القطاع لحرب إبادة ممنهجة، ودمار واسع النطاق، وقصف متواصل تشنه آلة الحرب الصهيونية، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية.

وبيّن بني ارشيد أنه في ظل هذا الواقع القاسي، ليس مستغربًا أن تظهر بعض الأصوات المعارضة داخل غزة، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار وجود تنظيمات فلسطينية تتبنى نهج التسوية وترفض خيار المقاومة، وتعمل بشكل نشط على التحريض ضد حركة حماس، ما يجعل ظهور أصوات معارضة للحركة داخل القطاع أمرًا متوقعًا، وليس بالضرورة مؤشرًا على رفض شعبي واسع للمقاومة بحد ذاتها.

ونوّه إلى أن القول بأن صمت أهل غزة طوال السنوات الماضية كان نتيجة القمع وعدم السماح لهم بالتعبير بات طرحًا غير صالح للترويج، إذ إن الأحداث الأخيرة أثبتت أن هناك من يعارض المقاومة، لكن الغالبية العظمى من السكان ظلّت على موقفها الداعم لها، رغم ما تعانيه من ويلات الحرب والحصار، مضيفًا أن صمود الشعب الفلسطيني داخل القطاع لم يكن مجرد فعل مقاومة سلبية، فقد شكّل حاضنة اجتماعية واستراتيجية للمقاومة، بما وفر لها استمرارًا في التجنيد، والإمداد، والشرعية الشعبية.

ولفت بني ارشيد الانتباه إلى أنه لا يمكن النظر للخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية على أنها حالة استثنائية في التاريخ، فقد رافق الانقسام الداخلي معظم حركات التحرر الوطني في العالم، حيث كان هناك دائمًا تيارات متباينة بين من يرى المقاومة المسلحة كخيار رئيسي، ومن يؤمن بالمفاوضات كمسار سياسي، وفي الحالة الفلسطينية، لم يكن هذا الانقسام بعيدًا عن حركة التاريخ، لكنه لم يؤدِ يومًا إلى إضعاف شرعية القضية أو وقف مسار المقاومة.

واستطرد قائلًا إنه مهما بلغت حدة الانقسامات الفلسطينية، فإن أساس الصراع وجذوره لا تزال متمثلة في الاحتلال الصهيوني، الذي لا يهدد فلسطين وحدها، ذلك أنه يمتد خطره إلى الأردن وسائر الدول العربية، فبعد أكثر من أربعين عامًا من مسيرة التسوية والمفاوضات، لم تؤدِ هذه المساعي إلا إلى تعزيز الاحتلال وتوسيع نفوذه، مما يثبت أن خيار المقاومة لم يكن مجرد رد فعل، فهو المسار الأكثر منطقية أمام الفشل المتكرر لنهج التسويات السياسية.

وتابع بني ارشيد أن ما يجري اليوم في غزة لا ينفصل عن المشهد الإقليمي والدولي، إذ إن العدو الإسرائيلي، الذي يعاني من أزمات سياسية وأمنية داخلية غير مسبوقة، يجد في قطاع غزة ساحةً مناسبة لمحاولة تصدير أزماته إلى الداخل الفلسطيني،  وفي الوقت ذاته، تدرك الإدارة الأمريكية أن الظروف الحالية توفر لها فرصة ذهبية لتنفيذ مخططات التهجير القسري، استغلالًا للوضع الإنساني المتدهور داخل القطاع.

وذكر أن دعم صمود الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة يصبح خيارًا استراتيجيًا للدول العربية، وعلى رأسها الأردن، لمنع تنفيذ مخططات التهجير القسري، وإفشال المخططات الصهيونية الرامية إلى إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية في المنطقة، فلا يمكن النظر إلى القضية الفلسطينية بمعزل عن الأمن القومي العربي، إذ إن تمكين الاحتلال من فرض سياساته سيؤدي إلى تداعيات تتجاوز حدود فلسطين، وتهدد استقرار المنطقة بأسرها.

وأشار بني ارشيد إلى أن رهان المقاومة الفلسطينية على صمود الشعب، وتمسكه بأرضه، ورفضه لكل مشاريع التصفية، هو العنصر الأهم في إفشال مخططات الاحتلال وأعوانه، ورغم اختلاف الأصوات في غزة، فإن التاريخ أثبت أن الشعوب التي تواجه الاحتلال لا تستسلم بسهولة، فهي تدفع ثمنًا باهظًا لتثبيت حقوقها، حتى يتحقق لها النصر والاستقلال.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير