احمد أبو خليل يكتب: عصر استعمال الجماهير

{title}
أخبار الأردن -

 

أحمد أبو خليل

تنتشر بقوة فيديوهات قادمة من غزة تعرض متظاهرين يرفعون رايات بيضاء ويدينون المقاومين ويطالبون بخروجهم.
بالطبع ليس عندي ما يثبت صدق الصور أو كذبها. ولكننا على العموم دخلنا منذ زمن في عصر "استعمال الجماهير". لقد استعمل الناس بشتى الطرق لخدمة الغايات السياسية لشتى الأطراف وبطرق لا تخلو من خسة أحيانًا.
هناك محتفون بهذه الفيديوهات، ولهم أسباب مختلفة. بالنسبة لي لا أستطيع إدانة جمهور يتعرض للمعاناة المباشرة ويتعرض للخسائر بروحه وبروح أسرته. ولكن من حقي أن اعترض على مواقف قادمة من خارج غزة، بما في ذلك وبشكل خاص تلك القادمة من أوساط فلسطينية في الضفة الغربية وخارجها أيضا. 
اسرائيل وأمريكا وشركاؤهما يريدون أن يكون الدرس النهائي من كل ما يجري منذ سنة ونصف، هو أن تخرج الشعوب بنتيجة تقول بإدانة كل مقاومة بل والتوبة عن المقاومة.  
بالمقابل، وفي الوضع الطبيعي، تسعى الشعوب لأن تجعل كل معركة خطوة للأمام في صراعها وخاصة في مثل هذا الصراع الطويل، وهو ما يعني أن تسجل مواجهات السنة ونصف الماضية في خانة ما هو كفاحي ونضالي في تاريخ الصراع. إن هذا ما تعارف عليه البشر للآن، وما هو حاصل في كل تواريخ الشعوب التي تعرضت للظلم والاستعمار.
العدو يعلن أنه يريد تغييرا ثقافيا عميقا عند شعوب المنطقة بحيث تتحول إلى إدانة المقاومة.
هل يمكن فعلا ان يدان مَن يقاوم عدوه؟
أيها الإخوة، إن استيعاب موقفكم يتطلب حصول تبدل جوهري في الطبيعة الإنسانية، إنه يتطلب أن يصبح الباطل مقدّما على الحق، والكذب مقدما على الصدق، والجبن على الشجاعة، والاستعمار على الحرية... وهكذا. 
ولكن من فضلكم، لغاية الآن لم تحصل مثل هذه التغيرات في طبيعة البشر.
قد تكون النتائج العسكرية والسياسية لصالح دعاة الاستسلام النهائي. ولكن ولسوء حظكم، فإن ما قام به شهداء فلسطين ولبنان ومقاوميهما، قد سجل نهائيا في الموقع الأصح والأدق والأنبل والأشرف، ولن يفيدكم "نضالكم" في سبيل الخزي.
مرة أخرى ليست كلماتي موجهة لأهل غزة من شتى المواقف.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير