ابو داود يكتب: لن ترحل غزة !
رشاد ابو داود
مثل العملة، أي عملة في العالم، لها وجهان مختلفان جداً. لكنهما العملة. تماماً كالوضع العربي الآن. ثمة وجه مبتسم فرح بما قامت به المقاومة في غزة ووجه آخر كظيم شكك ولم يزل يشكك، رغم ما تراه عيناه وتسمعه أذناه. انه الوجه الخلفي الذي لا يعول عليه.
رغم أن أي انسان حر في ما يفكر وما يقول، لكن لا يستطيع أحد أن يطمس الحقيقة. نحن في زمن الصورة الأصدق من الكلمة. وما شاهدناه لمراسم تسليم الأسرى الاسرائيليين في الأيام الماضية في غزة أدخل الفرح في قلب كل عربي، ما عدا طبعاً أولئك الذين ران على قلوبهم وعلى عيونهم غشاوة من أوراق الدولار وفي أنوفهم رائحة النتن ياهو.
من لم يفرح لرؤية أسير من ذوي المؤبدات يقبل يدي والده وقدمي أمه بعد ثلاثين وأربعين سنة أمضاها في سجون الاحتلال. وذاك الذي يحتضن ابنه العشريني الذي كان جنيناً في بطن أمه عندما قاوم الاحتلال واعتقل. وذاك الذي يحتضن طفله الذي رزق به عن طريق « النطف المحررة « أوذاك وذاك وذاك، كلهم أُسروا شباباً وخرجوا شيباً وقد فقدوا ثلث وزنهم، على الأقل.
إن شعباً يخترع تهريب النطفة من بين القضبان لتحمل بها زوجته عن بعد، شعب مبدع جبار لن يرحل من أرضه.
خرجوا ؟.. لا، الأصح تحرروا، حررتهم المقاومة رغم أنف المحتل.
من لم تبهجه الرسائل التي قصدت المقاومة توجيهها من خلال ترتيبات اطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين. التنظيم المتقن، أماكن التسليم من جباليا وخانيونس ومخيم الشاطئ والميناء في مدينة غزة، ومن أنقاض بيت السنوار، السلاح الاسرائيلي الذي كان يحمله مرافقو الأسرى وغنموه في السابع من اكتوبر العظيم.

