القرعان يكتب: فكرة التهجير «هلوسة» اسرئيلية، وموقف الأردن ثابت

د. محمد كامل القرعان
أهل غزة الذين فقدوا عائلاتهم وبيوتهم لكنهم ضحوا بأنفسهم من أجل المسجد الأقصى ومن أجل المقاومة والتشبث بحقهم، وفي الجانب الآخر في إسرائيل كان الوضع مختلفاً تماماً. ومن الآن فصاعدا يجب أن لا نقلق بدعوة الرئيس الأمريكي ترامب بتهجير اهل غزة للاردن ومصر وعلى حكومات المنطقة دعم الصمود الفلسطيني وإرادتهم كخيار وحيد ضد كل محاولات التهجير.
وقد أثبت هذا بعد 470 يوما من «طوفان الأقصى» وما لحق بقطاع غزة من دمار شامل لتأكد ان هذا الشعب متمسك بأرضه حتى نيل استقلاله وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني الفلسطيني. وأكدت كذلك أن هذه الحرب هي انتصار الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال وانتصار لبقية الحكومات الداعمة لها، وبالتالي من المنطق أن إسرائيل لا تملك القوة العسكرية والاقتصادية التي تمكنها من تمرير مخططاتها والتهجير.
صحيح أن إسرائيل استطاعت خلال الحربيين 48 و67 ارغام الفلسطينين على النزوح والهجرة، لكن تلك الفترة كان لها تفاصيلها الخاصة بها بعدما عاش الفلسطينيون خارج وطنهم وشعروا بمرارة البعد عن الوطن واصبح لديهم نفوذ وتاثير سياسي واقتصادي، وتأكد لدى اجيالهم الأيمان المطلق بحق العودة وإقامة دولتهم كما تمتع جميع شعوب العالم بدولة مستقلة ذات سيادة، كما ان هناك مفارقات كبيرة استطاعت إسرائيل والدول الداعمين لها استغلالهما في تلك الفترة في التاثير على دفع الفلسطينين على النزوح والهجرة، عكس الحال الان، فقد اصبح هذا الحلم لدى ?سرائيل مستحيل (المنال)، رغم إظهار إسرائيل قوية وتحويل الرأي العام عن مسار حقوق الشعب الفلسطيني والمقاومة حتى يتمكن الاستعمار وإسرائيل من النجاة من الخطر.
ولهذا السبب من الضروري ان ندرك انجازات هذه الحرب للفلسطينين لنرى ما هي الاثار التي خلفها الانتصار في حرب الاقصى على مستقبل فلسطين والمنطقة واسرائيل.
وجاء الرد الأردني موقفًا قويا وحازما ليؤكد مجددا أن «الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين»، وتمسك الأردن بحل الدولتين موقفا ثابتا لا يتغير ولا يتزحزح وهو الخيار الوحيد الذي يضمن الاستقرار في المنطقة، و الأردن لن يقبل بتهجير الفلسطينيين وتحتاج هذه العملية الى موقف عربي وفلسطيني موحد لكافة أطياف الشعب الفلسطيني قوي صلب وتعزيزه.
ومن المعلوم أن الفلسطيني لن يترك أرضه وحقهه بعد هذه التضحيات ولن يتخلى عنها، وإطلاق عملية سريعة ومكثفة تتضمن الإغاثة والإيواء وتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في غزة، الى جانب حشد جهد إقليمي عربي رسمي إسلامي ودولي لدعم هذه العملية هو المسار المطلوب الان.
وتعتبر فكرة التهجير ضرب من الجنون وهلوسة إسرائيلية طرحها بعض المستوطنين الإسرائيليين من حزب الاستيطان الصهيوني، وهو حلم إسرائيلي لن يتكرر لكنه يصطدم بالواقع الفلسطيني الأكثر صلابة ومنعة ولا بد من ان يتعلم الإسرائيليون من عدوانهم الأخير على غزة بحقيقة تفسير هذا الحلم، وهي أكبر إثبات في التاريخ وعمر البشرية على تمسك الفلسطينيين بأرضهم وحقهم في ودولتهم.