عايش يكتب: المساعدات الأميركية للأردن.. بين العائد المشترك والايدلوجيا الضيقة
حسام عايش
يستهدف تجميد العمل بالمساعدات الخارجية الاميركية اخضاعها لمعايير تتماشى مع أجندة الرئيس ترامب الخارجية، عبر الإجابة على ثلاثة أسئلة: هل تجعل المساعدات أميركا أكثر أمانا؟ هل تجعل أميركا أقوى؟ هل تجعل أميركا أكثر ازدهارا؟ آخذا بالاعتبار انها لم تكن محل اجماع داخلي اميركي، وكثيرا ما كانت الايديولوجية مؤثرة في كيفية تعامل الادارات الاميركية معها وبالذات الانعزالية على قاعدة مقاومة التعاون متعدد الاطراف، وهي ايدلوجية ادارة ترامب بالضبط.
الاردن من الدول التي تتلقى مساعدات اميركية، ففي العام 1951 تلقى مساعدات لتطوير القطاع الصحي، وبعده القطاع التعليمي، وفي العام 1952 بلغت المساعدات نحو 12 مليون دولار، وفي عام 1957 ساعدت الاردن بـ 10 ملايين دينار، وخلال الفترة (1957-1979) قدر حجم المساعدات بحوالي 936 مليون دولار.
الرئيس اوباما، رفع المساعدات الى مليار دولار بعد ان كانت 600 مليون دولار؛ واتبع ذلك بتوقيع مذكرتي تفاهم 2009-2014، و2015-2017.
الرئيس ترامب، وفي فترته الرئاسية الاولى، رفع حجم المساعدات الى 1.275 مليون دولار سنويا وثبت ذلك عبر مذكرة تفاهم للسنوات 2018-2022، وبحجم اجمالي 6.375 مليار دولار.
الرئيس بايدن، رفع المساعدات الى 1.450 مليار دولار سنويا عبر مذكرة تفاهم للاعوام 2023- 2029 وبحجم اجمالي 10.15 مليار دولار.
المساعدات الاميركية للاردن ومقارنة بغيرها ظلت ثابتة ومتزايدة؛ حيث عناصر المعادلة التي حكمتها: الاحتياجات الاقتصادية للأردن + الأهداف الاستراتيجية الأميركية + الظروف الجيوسياسية الإقليمية + العلاقات الثنائية بين البلدين. الى جانب معادبلة اخرى عملت الولايات المتحدة بموجبها لزيادتها تضمنت: متطلبات السياسة الأميركية في المنطقة+الاحتياجات الاقتصادية للأردن+ الظروف الجيوسياسية+ العلاقات الثنائية+ التوجهات السياسية في الولايات المتحدة+ الظروف الاقتصادية العالمية.
تفحص المعادلات اعلاه يظهر ان المساعدات الاميركية ليست باتجاه واحد، فهناك فائدة اميركية منها ايضا تتضمن: المصلحة الاميركية بتعزيز الاستقرار الإقليمي + دعم التحالفات الأمنية + تحقيق أهداف السياسة الخارجية + تطوير العلاقات الاقتصادية الاميركية مع الدول الناشئة والنامية.
وعليه، فان اي تقييم اميركي للمساعدات المقدمة للاردن يجب ان ياخذ بالاعتبار عناصر معادلة الفائدة المشتركة الاميركية الاردنية وتتضمن: تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية + تعزيز الأمن الإقليمي + استقرار الأردن وتحفيز الاقتصاد الأردني + كفاءة الاستخدام عبر تحقيق معايير التنمية الاقتصادية للمساعدات.
لذلك، فوقف او تخفيض المساعدات الاميركية التي كان يقدر لها ان تبلغ في العام 2025 نحو 2.1 مليار دولار، سيكون له تاثير سلبي على علاقة الولايات المتحدة باصدقائها، وعلى استثمارها في الامن والازدهار الاقليمي، وعلى الاقتصاد الاردني بارتفاع العجز المالي والاستقرار المعيشي والتنمية الاقتصادية والسياسية .
التقييم المنصف للمساعدات الاميركية ، يجب ان يكون بمعيار رابح رابح، فهي: تعزز اهداف الاستقرار+ تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة + تعزيز التعاون الأمني + تحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية + تعزيز التعاون في القضايا العالمية، وهذه جميعها معايير مهمة لتقييم عائد تلك المساعدات على الطرفين الاميركي والاردني.
في السنوات الخمس الاخيرة، زادت حالات عدم اليقين على كل الصعد الاقتصادية والعلاقات الاقليمية والدولية سواء على خلفية جائحة كورونا، او الحرب الروسية الاوكرانية، او الحرب الاسرائيلية على غزة ولبنان والاقليم، او تعليق ترامب للمساعدات الخرجية.
تفرض هذه الحالات وغيرها على الاردن، استخلاص الدروس للتعامل مع حالات عدم يقين متوقعة او قادمة لادارة اقتصاده بما يتناسب وسيناريوهات مستخلصة من تلك الدروس؛ بما في ذلك مراجعة النموذج الاقتصادي المستند الى المساعدات، وتطوير عملية اقتصادية وطنية تفتح المجال لمشاركين اقتصاديين اكثر؛ مما يولد ايرادات تقلل من الحاجة للمساعدات؛ التي لم ترفع نسبة الاداء الاقتصادي او المعيشي بنفس نسبة الاشادة بها وبدورها.