الخطر الأكبر على الحقيقة والنظام والدولة

{title}
أخبار الأردن -

 

الدكتور إبراهيم النقرش

في هذا العصر الذي نعيشه، نشهد تطورات متسارعة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والتي تتعرض فيه دول برمتها لظاهرة (التهكير والاختطاف الفكري Hijacking)، والتي تتمثّل بظاهرة خطيرة في استغلال المتملقين النفعيين المستوزرين لهذه المنصات لتحقيق مصالحهم الشخصية، من خلال لي أعناق النصوص وتحريف معانيها أحياناً (عندما يكتب غيرهم الحقيقة بموضوعية وجرأة دون مسح الجوخ)، على حساب الحقيقة والشعب والنظام.

إن هذه الفئة التي يسوقها النفع والمصلحة تُعتبر من أخطر التحديات والمصاعب التي تواجه استقرار الدول وبنائها، وتحد من دفء وعمق العلاقة بين الحاكم وشعبه. إذ تشوّه الواقع، وتخدع القيادة والشعب، وتجعل منهما نقيضين على الأطراف (الحِفاف) يصعب التقائهما، وتضعف المؤسسات الوطنية. وهذه التراكمات، وبمرور الزمن، تؤدي في النهاية إلى انهيار السياسات والاقتصاد.

ومن الأساليب التي تستخدمها هذه الفئة النفعية المتسلقة، طريقة ذكية في بناء الوهم وتسويقه، وهدم الواقع وتحريفه. فهذه الأساليب المضللة هدفها الأساسي كسب رضا الأنظمة وإيهامها بأن الأمور تسير على ما يُرام، بينما الحقيقة عكس ذلك تماماً.

والأدهى من ذلك وأمرّ، أن منهم من يلجأون إلى التقارير المزيفة وتقديم معلومات مغلوطة تُخفي الأزمات والتحديات الحقيقية التي يُعاني منها الشعب وتواجهها الدولة. وبالتالي، يدفعون النظام لاتخاذ قرارات غير مدروسة، ليست بصالح النظام والمجتمع.

وللتغطية على هذه البشاعة والغش والخداع، يلجأون إلى المديح المفرط للقادة (والذي لا يستسيغه كثير من القادة)، فينهالون عليهم بكلمات التمجيد والتملق وتضخيم الإنجازات، حتى وإن كانت وهمية وبسيطة، ومن أبسط حقوق العيش للشعب والواجب للقادة. وهذا بالتأكيد يؤدي إلى بناء ثقافة (كل شيء تمام يا فندم).

وهناك أرجوحة خطيرة يتمرجح عليها من يدعون الوطنية من المُعلّقين المتسلطين المتسلقين والمستوزرين، وهي خلق أعداء وهميين يرجعون ويعزون أسباب الفشل إليهم، سواءً كانوا أطرافاً خارجية أو داخلية (باعتبارهم أوصياء مخلصين أبناء وطن، وغيرهم من جزر برمودا ليسوا من الوطن ومن أحبائه). وهم لا يتورعون عن وصمهم بالمؤامرات الخارجية والخيالية لتبرئة أنفسهم وصرف الأنظار عن سوء الإدارة، ولإبقاء الميدان مفتوحاً أمام براذينهم للهرط والعرط الهادم.

وهم بذلك لا يترددون عن خداع الشعب عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فهم ينشرون الإشاعات ويروجون للكذب المعلوماتي لكسب الخواطر وخداع الرأي العام. ولا مانع لديهم من تقسيمه إذا كان فيه مكسب شخصي لهم (طبعاً هم يتباكون على الصالح العام، وهم ألد الخصام).

ولهذه الأمور ومثلها ذبذبات ارتدادية سياسية واقتصادية واجتماعية على الشعوب والأنظمة، كإثارة الفتن الطائفية بين الشعوب، وسياسياً خداع الأنظمة وجرها إلى ما لا تهواه (والأمثلة كثيرة).

في المحصلة، الاعتماد على تقارير المتملقين والمستوزرين يؤدي إلى نتائج كارثية على النظام والدولة، وبالتالي تضليل القيادة. فيصبح النظام معزولاً عن الواقع الحقيقي المُعاش للشعوب بسبب هذا التدليس.

ولا ننسى أن هذا النفاق يؤدي إلى إضعاف الوعي المجتمعي واهتراء المؤسسات الوطنية وانهيار أدائها المؤسسي.

ولا ننسى التأثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، حيث تُستنزف الموارد الوطنية في مشاريع فاشلة تُستغل لمصالح شخصية، وهذا يؤدي إلى تراجع الاقتصاد الوطني.

وأخيراً، كل ما أوردناه يؤدي في النهاية إلى فقدان ثقة الشعوب مع تكرار الأزمات، وهذا يُعكر صفو الاستقرار الداخلي والخارجي للدول في المحيط الملتهب.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير