العبسه تكتب: الرد على اقتراح ترامب «العودة إلى الديار»

{title}
أخبار الأردن -

  لما جمال العبسه

 لم تكن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امس الاول بشأن تهجير نصف سكان قطاع غزة نحو دول الجوار حتى وصل به الأمر الى السعي للاتفاق مع اندونيسيا لاستيعاب جزء منهم في اراضيها، على اعتبار ان هذا الشعب المكلوم ساذج يمكن الضحك عليه بأن الأمر محض انساني ليعودوا بعد اعادة اعمار القطاع، فليس من المنطق ان تكون سكناهم فوق الركام او في خيام حتى انجاز مهمة الاعمار.

 وكالعادة أثارت التصريحات ردود فعل متباينة فكان الفرح عارما بين أقطاب اليمين الصهيوني المتطرف واعضائه في الحكومة الصهيونية الحالية، فيما مثل التصريح رد فعل فوري من قبل الاردن ومصر اللتين تحدث عنهما ترامب أنه تحدث وسيتحدث عن ضرورة استيعاب المهاجرين من قطاع غزة.

 هذه التصريحات ايضا لاقت ردود فعل في الإعلام الأمريكي والمحللين الذين ارادوا اقناع العالم بانها جاءت على محمل الإنسانية وليس إرضاء لليمين الصهيوني المتطرف، في المقابل كانت قنوات التلفزة والإعلام الصهيوني يؤكد نجاح بعض اعضاء الكنيست اليمينيين الذين حضروا حفل تنصيب ترامب مؤخرا و أقنعوه بضرورة اعادة احتلال القطاع وبسط السيطرة الصهيونية عليه والأمر يتطلب تهجير نصف عدد السكان في المرحلة الاولى.

 لكن الرد الحقيقي على هذه التصريحات جاء بالعودة الى شمال قطاع غزة الذي يشبه القيامة مئات الآلاف من النازحين الى وسط وجنوب القطاع بقوا على بعد مسافة قصيرة عن معبر نتساريم الذي فُتح صباح اليوم فكان المنظر المهيب لهذا الرجوع العظيم الى الديار رغم الألم والموت والتعب والإرهاق البادي على وجوه اهل الشمال، الا ان الاصرار كان اكبر بكثير من اي شيء فهم ليسوا بمن يبيعوا ارضهم التي بذلوا لاجلها الغالي والنفيس واصبح الموت في سبيلها عقيدة والتخلي عنها كفر.

 لكن في خضم التعليقات من هنا وهناك، لم تجد مكانا لها حيث بدت النوايا والمقاصد الاصلية من التهجير، فالغرض الضحك على العامة من اليهود بدولة يهودية دينية وان الحل هو تهويد القطاع لضمان كسر شوكة المقاومة هناك ونزع فتيلها للابد، فيما يقوم الساسة واصحاب القرار بتنفيذ اجنداتهم الخاصة، فبعضهم يرى في القطاع ميزات كبيرة يمكن ان تستغل للتطوير العقاري وانشاء مشاريع استثمارية سياحية وغيرها تدر الدخل على دولة الكيان المزعومة، والاخر عينه على ثروات القطاع الاخرى، فيما توجه اخرون للتفكير في كيفية استغلال حقل غاز غزة الذي تقدر قيمته بعشرات المليارات، ويرى في الأمر فرصة كبيرة جدا، لكن العائق هم الفلسطينيون اصحاب الارض امام تحقيق هذه الاحلام.

 اذا كان ترامب يرى انه من الإنسانية ان يترك الغزي ارضه لفترة محدودة لدولة جوار فمن الاولى اعادتهم الى اراضي فلسطين التاريخية خاصة وان 70% من سكان غزة من مناطق الـ 48، ومن ثم يعودن بعد الاعمار الى غزة، فالاولى ان تستوعبهم بلدهم.

 متى ستدرك الاادارات الامريكية ان القضية الفلسطينية باتت مضرب مثل، وان الحق الفلسطيني في دولته من النهر الى البحر مطلبا تجاوز الفلسطيني الى شعوب العالم اجمع، وان الفكر الأمريكي الذي يتخذ من وجود دولة الكيان اساسا لتنفيذه بات محاربا في كل مكان، وان تغيير الجغرافيا والديمغرافيا اصبح امرا ليس مرفوضا فحسب بل محاربا.x 

لكل وطنه يحبه ويحامي عنه ويبذل روحه لاجله، فلا حق لاحد ان يرسم للناس مستقبلهم ، فما كان في العام 1948 لن يتكرر.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير