الشوبكي لـ"أخبار الأردن": منطقة متأزمة وملفات متشابكة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال خبير الطاقة عامر الشوبكي إن هناك تحولات اقتصادية وجيوسياسية غير تقليدية تعيد صياغة موازين القوى الدولية، في ظل انقلاب جذري يقوده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مستندًا إلى نهج تصادمي يعيد تعريف علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها وخصومها على حد سواء.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أبرز ملامح هذا الانقلاب تتجسد في الحرب التجارية الشعواء التي يشنها عبر فرض رسوم جمركية باهظة لا تفرق بين الأعداء والأصدقاء، إضافةً إلى إقدامه على قطع المساعدات، وانسحابه التدريجي من المؤسسات الدولية التي لطالما شكلت ركيزة الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي.

وبيّن الشوبكي أن هذه الإجراءات، التي تتجاوز في طبيعتها مجرد قرارات اقتصادية معزولة، ترسم ملامح مشهد أكثر تعقيدًا تتشابك فيه الاعتبارات الاستراتيجية بالتحولات المالية، ما يفاقم حالة الاضطراب ويزيد من صعوبة استشراف المسارات المستقبلية.

وذكر أنه لن يكن مستغربًا أن تتخذ تداعيات هذه السياسات أبعادًا أكثر خطورة، حيث باتت الأسواق العالمية مسرحًا لتقلبات حادة تجلت في الارتفاع المضطرد لمعدلات التضخم، الذي جاء نتيجةً حتمية للتوترات التجارية المتصاعدة، فضلًا عن القفزة القياسية في أسعار الذهب، التي تعكس حجم المخاطر الجيوسياسية المتنامية، مستطردًا أنه في وقتٍ تتجه الأنظار فيه نحو أوروبا الشرقية، تتوالى التطورات على الساحة الأوكرانية في سياق يبدو أنه يُعجّل بإعادة هندسة الاصطفافات الدولية، إذ يجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه أمام واقع أكثر تعقيدًا مما تصوره، بعدما بدا وكأنه قُدِّم على طبق من فضة إلى روسيا، في ظل تآكل متزايد للالتزامات الغربية تجاه كييف، وانكشاف محدودية الدعم الأمريكي والأوروبي الذي لطالما اعتُبر ركيزة أساسية لصمود أوكرانيا في مواجهة النفوذ الروسي المتنامي.

ولفت الشوبكي الانتباه إلى أن هذا الانحسار التدريجي للمساندة الغربية، تبرز إشكاليات إضافية تزيد من تعقيد الموقف، لعل أبرزها الاتفاقيات الاقتصادية التي فرضت على أوكرانيا تنازلات ضخمة، مثل صفقة المعادن التي تُفضي فعليًا إلى تقاسم مواردها الطبيعية، في خطوة تعكس مدى التراجع الاستراتيجي الذي تعانيه البلاد تحت وطأة الضغوط المتزايدة.

وأشار إلى أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التأزم، في ظل تشابك الملفات وتعقّد الحسابات الاستراتيجية، حيث يشكل ملف الرهائن، الذي بات محور التجاذبات السياسية، نقطة ارتكاز في رسم معالم المرحلة المقبلة، فإسرائيل، التي تستعد لاستكمال خطتها الحربية، تبدو في طور إعادة تموضع استراتيجي يتيح لها تنفيذ المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية، وهو أمر لم يعد مجرد تكهنات، إذ بات جليًا من خلال التصريحات التصعيدية المتواترة الصادرة عن أقطاب حكومتها، ما يعزز من احتمالية أن يشهد شهر رمضان القادم تصعيدًا غير مسبوق، قد يحمل في طياته تداعيات جيوسياسية تمتد إلى ما هو أبعد من حدود النزاع التقليدي.

ونوّه الشوبكي إلى أن ما يزيد من خطورة المشهد أن الخطط الإسرائيلية، رغم محاولات تغليفها بلغة دبلوماسية، لا تزال تتضمن سيناريوهات للتهجير القسري، وهو ما يبقي الباب مفتوحًا أمام احتمالات تصعيدية تستند إلى فرض معادلات جديدة بالقوة، في سياق يبدو أن المنطق العسكري فيه سيتغلب على أي حسابات سياسية أخرى.

وتابع قائلًا إن الملف الإيراني يعود ليشكل أحد المحاور الأكثر حساسية في الحسابات الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تتصاعد التهديدات المتبادلة بين الطرفين، لا سيما في ما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، الذي بات يلوح في الأفق كأحد السيناريوهات القابلة للاشتعال، وسط مؤشرات توحي بأن المواجهة قد لا تبقى ضمن نطاق التهديدات الإعلامية، وإنما قد تتطور إلى إجراءات ميدانية تستهدف إنهاء البرنامج النووي الإيراني بشكل مباشر، وبموازاة ذلك، تبرز تحركات موازية تستهدف تقليص النفوذ الإيراني في العراق ولبنان، في إطار سياسة ممنهجة تسعى إلى إعادة رسم خرائط التوازنات الإقليمية، بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية الأمريكية - الإسرائيلية، التي لم تستكمل بعد جميع فصولها، ما يجعل المنطقة بأسرها أمام منعطف حاسم يصعب التنبؤ بتداعياته على المدى القريب.

واختتم الشوبكي حديثه بالإشارة إلى أن المنطقة برمتها في حالة من الضبابية الاستراتيجية، حيث باتت أشبه بمنطقة مشتعلة تقف على حافة الهاوية، أو كما يُقال، على "كف عفريت"، في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة من متغيرات قد تعيد صياغة موازين القوى، وتُرسي معادلات جديدة ستحدد شكل النظام الإقليمي والدولي لعقود قادمة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية