النعيمي يكتب: تصريحات ترامب تزيدنا قوة

{title}
أخبار الأردن -

  خلدون ذيب النعيمي

الملفت بتصريحات الرئيس الأميركي حول تهجير الفلسطينيين الى الأردن بالإضافة للرفض الكبير الذي واجهه على المستوى المحلي الرسمي منه والشعبي كانت بلبلة الخوف المبالغ فيها الذي ابرزته المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، وكأن الأردن أصبح على مفترق طرق كبير لا يعلم نهايته فأصبح ينطبق على هذا الحال المثل الشعبي «ما همني البين همني اللي بعد البين» فالجاهل والمتعمد هنا سيان في الشأن الوطني العام، يا جماعة الخير الأردن بتاريخه الحديث الذي يتجاوز المائة عام قادر بحمد الله على تجاوز هذه التصريحات الترانسفيرية للإدارة الجديدة في واشنطن والتي تتوائم مع حلفائها المتطرفين في تل ابيب وتأتي كطوق نجاة لهم بعد الفشل الذريع لعدوانهم على غزة رغم حجم الدعم الكبير لهم .

ذات آذار في منتصف خمسينات القرن الماضي كان ثمن تعريب قيادة الجيش العربي الأردني هو أنقطاع المعونات البريطانية التي كانت تشكل نسبة كبيرة من الميزانية العامة للدولة، وبعدها بعامين كان انقلاب تموز العراقي الذي رافقه مراهنات على استقرار الاردن ووجوده من قبل بعض الأشقاء الذين كنا نشكل معاً خط الجبهة المباشر ضد إسرائيل، وبعد هذا بعشر أعوام كانت حرب حزيران ووقوع نصف سكان المملكة في الضفة الغربية تحت الاحتلال فضلاً عن التشكيك بمواقف هذا الوطن التي نتج عنها استشهاد وصفي التل، وبعد زلزال الأمة في الثاني من آب 1990م تعرض الأردن لمحاربة الشقيق قبل الصديق بسبب إصراره على عروبة الحل تفادياً لم سيحل وحل بالأمة بعد ذلك من صدع فكان قطع المساعدات من الاشقاء والاصدقاء عنه فضلاً عن تهجير ابنائه من اماكن عملهم، والمطلع على هذه المحطات الصعبة في تاريخ الوطن يرى أن الأردن كان يخرج منها بحمد الله قوياً بفضل حكمة قيادته و تكاتف ابناءه وثقتهم بوطنهم، فبعد كل محطة صعبة يأتي استخلاص دروسها «فالضربة اللي لا تميتك تزيدك قوة بلا شك».

نعم قوة بعد قوة ولا شيء غير ذلك بإذن الله، ما يجري حالياً بحاجة ان نستخلص عبره فالعلاقات الدولية وما يصاحبها من مساعدات لا تحكمها عقلية الجمعيات الخيرية و»جمال سواد العيون» بل المصلحة وحسابات الربح والخسارة، ومن هنا فالأردن بحاجة لتنويع حسابات سلته الاقتصادية بدأ من زيادة الاعتماد على ذاته سيما ونحن مقبلون على مواسم السياحة والاستثمار بعد هدوء الاوضاع الاقليمية وليس بعيداً عنها المشاركة الفعالة في برنامج إعمار سورية ولنا الأفضلية عند جميع الاطراف في ذلك الموضوع، والحسابات السياسية بحاجة ايضاً للتنويع فالاعتماد على مبدأ حسن نية الجهات الخارجية اثبت عدم فعاليته في الشأن الوطني المحلي أن افتقر لأوراق القوة المختلفة، نعي جيداً أن ميزان القوة العالمية متذبذب لصالح متطرفي تل ابيب ومخططاتهم ولكن تاريخ قوتنا وتاريخهم المليء بالاعتماد في قيامهم على الغرب كشجرة بلا جذور اكبر دليل أن الأمور لن تجري بالسهولة التي يرونها ويروج لها البعض جهلاً او قصداً .

جملة القول إن رهان الأردن الصادق في المحطات الصعبة عبر تاريخه هو حكمة القيادة ووعي وثقة شعبه به، وقوته عبر تاريخه هي سند للحق العربي في فلسطين، وتضحيات قيادته وأبنائه مع هذا الحق هي وإن كانت دعماً للأشقاء فهي أيضاً درء لشرور ومخططات المعتدين عن هذا الحمى وهم الذين يثبتون في كل مناسبة أن السلام العادل لا وجود له في قاموسهم المتطرف .


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير