ابو حويله يكتب: الضغط العميق...

{title}
أخبار الأردن -

  إبراهيم ابو حويله ...

التحريض على الحرب من اجل فرض السيطرة، الإكتفاء والإنكفاء على القوة العسكرية لتحقيق الهدف، إزدراء المفاوضات، وفرض ما تريد عن طريق القوة، هذا هو فكر المحافظون الجدد.

لماذا هل لأن كيسنجر وزمرته فشلوا في فيتنام في الوقت الذي كان الكيان يحقق فيه إنتصارات ضخمة في الشرق، هل السبب ضعف العقيدة عند الجنود الإمريكان، هل بسبب مذبحة ماي لاي وذلك الموت غير المبرر للنساء والاطفال الذي طال المئات.

وهل تؤثر الصورة النمطية المنتشرة في العالم عن هذا الجندي أنه عديم الاخلاق ويحرق النساء والأطفال بلا سبب، في ظهور شعور رفض داخلي أولا، ينتشر ليصبح ظاهرة يرفض من خلالها باقي المجندين الخدمة في هذه المنطقة، أو في هذا الجيش، او القيام بهذا الفعل.

في الوقت الذي كان يقاتل فيه الجندي في الكيان بعقيدة وإيمان وخوف على نفسه وعلى مستقبلة، ومجموعة من القادة المخلصين الذين يخططون ويملكون إستراتيجية واضحة، واهداف واضحة ووسائل واضحة، وتدعمهم سردية وفكر عميق، إستطاعوا من خلاله السيطرة على كثير من العقول في العالم الغربي، ويملكون وسائل تمويل ضخمة تدعمها لوبيات منتشرة في كل مراكز صنع القرار في العالم، وحتى في قلب العالم الإسلامي.

ولكن مهلا هل يتعرض جيش الكيان اليوم لنفس الظروف التي تعرض له الجيش الأمريكي في فيتنام، هل تسقط سرديته الأخلاقية والتي لم تكن موجودة أصلا، ولكن إستطاعت الألة الأعلامية إيجادها من العدم، ونشر قصص وأحاديث حولها، حتى أصبح الكذاب يعتقد بصدق كذبه، واليوم بدأت هذه السردية تتداعى أمام قوة وسائل التواصل ونشر المعلومة والحقيقة عبر وسائل التواصل المتاحة، والتي هي خارج نطاق سيطرتهم، وظهر هذا الجندي على حقيقته بلا أخلاق، في مواقف لا تحصى، حتى بدأت مجموعات في الكيان برفض هذه التصرفات، وبدأت مجموعات أخرى ترفض الخدمة في هذا الجيش.

وهذا الذي أدى إلى ظهور حركة المحافظين الجدد هل سيؤدي إلى ظهور حركات أخرى في المجتمعات الغربية، والتي فعلا بدأت نواتها في التشكل، ومظاهرها في الإنتشار، حتى أحصى ناشط في عربة قطار في لندن أربعة عشر اشارة لدعم القضية الفلسطينية في قلب العربة في قلب لندن، وليس في لندن وحدها بل في قلب كل العواصم الغربية ومنها واشنطن.

يشير إستاذ التاريخ في جامعة إريزونا ديفيد جيبس إلى أن هذا ما حصل بعد حرب فيتنام، وكان ذلك هو السبب في إنتشار فكر اليمين المحافظ، او اليمنيون الجدد في امريكا، لقد كان السبب هو اخفاق في جهة ونصر مؤزر في جهة، وهذه الحركة استطاعت التأثير على جملة من المفكرين والأكاديمين والسياسين من مختلف الإتجاهات، وتحويلهم إلى اليمين المحافظ.

لقد سعت هذه الفئة إلى خلق فكر يعتمد على عقيدة بصورة ما، حتى يساهم هذا الفكر بخلق سردية، تساهم في خلق موقف وفكر أمريكي جديد مقدس وقوي، وتبقى امريكا هي القائد للعالم لفترة قادمة، هذا ما بدأه بشكل ما الديموقراطي هنري جاكسون وإستطاع نشر هذا الفكر وتوظيفه ليكون الوسيلة التي يحقق من خلالها الضغط العميق على مجتمعه أولا، ليحوله إلى مجتمع عقدي يتبنى فكرة عقدية، ونشر هذه الفكرة إجتماعيا وسياسا وإقتصاديا وعسكريا على مستوى العالم.

لقد كانت الحرب الباردة مهمة في دفع هذا الفكر إلى حدود جديدة، وكان لأفغانستان واحتلال السوفيت لها اهمية في صياغة هذا الفكر، وتوظيف القوة العسكرة والتقنية في الهيمنة السياسية بتلك الصورة التي ظهرت لاحقا، وكذلك الثورة الإيرانية  ولكن بعد سقوط شبح الحرب الباردة كان من المهم ايجاد عدو حتى لو إضطروا إلى صناعته صناعة. تحت مسمى صناعة التخويف من العدو الخارجي القادر على إلحاق الأذى والضرر بأمريكا.

وهنا ظهرت فكرة جديدة وهي حقوق الإنسان وتصدير الديموقراطية، والتي تم من خلالها كما يقول دانييال باتريك، تم إستخدام هذا السلاح السري في كل مكان في العالم من خلال الأمم المتحدة، لقد تم صياغة الفكرة في من خلال المحافظين الجديد، وتم تبني سياسة الضغط العميق على المؤسسات المسيطرة في الولايات المتحدة، وعلى كافة الدول الأخرى التي تقع تحت سيطرة الولايات المتحدة.

بل إنه بعد سقوط الإتحاد السوفياتي إحتاج إلى خطة أمريكية لإنقاذه، ولكن الدولة العميقة في الولايات المتحدة رفضت مساعدته هل تدفع امريكا اليوم ثمن هذا الموقف، ، في الوقت الذي إرسلت فيه جيفري ساكس مثلا لمساعدة بولندا، وتم توجية حزمة من المساعدات الطارئة واعفائها من كثير من الإلتزامات.

الحرب والحقوق المدنية والديموقراطية والمساعدات والإعفاءات، هي السلاح الذي تعتمده الدولة العميقة في الولايات المتحدة للسيطرة على العالم، هذا الضغط العميق هو الذي يحقق لأمريكا أهدافها، وهذه محاولة لتحليل هذا الضغط العميق لفهمه وفهم أبعاده، وهنا لا بد من السعي لخلق تحالفات في المنطقة لتحييد هذا الضغط والتعامل معه.

كثير من المعلومات من مقابلة لديفيد جيبس مع موقع دراسات الحياد.
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير