أبو دلو يكتب: الأوامر التنفيذية

{title}
أخبار الأردن -

  معاذ وليد أبو دلو

يعتمد النظام الدستوري الأميركي على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وقد بينت ووضحت المادة الثانية منه الفقرة الثانية صلاحيات رئيس الولايات المتحدة الأميركية الذي يمثل السلطة التنفيذية، إلا أن الرئيس ترامب فور دخوله للبيت الأبيض أصدر عدداً من الأوامر التنفيذية التي تتعلق بعدة أمور يرغب من خلال سياسته بتنفيذها والتي تعد من صلاحياته.

وتُعدّ دستورية الأوامر التنفيذية موضوعاً معقداً بالنظام الدستوري والقانوني الأميركي، إذ تُعدّ من اختصاص وصلاحيات السلطة الدستورية لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، وفق المادة الثانية من الدستور، واعتمد عليها رؤساء عدة لتنفيذ برامجهم، إلا أنه يجب على هذه الأوامر ألا تخالف الدستور أو القانون الصادر عن الكونغرس الأميركي، وللسلطة القضائية من خلال المحكمة العليا مراقبة دستورية هذه الأوامر، بحيث لا يجوز للرئيس أن يتجاوز صلاحياته المخولة له حسب الدستور، وألا تتضمن هذه الأوامر أي انتهاك لحقوق الأفراد.
تأتي الغاية والهدف من تلك الأوامر التنفيذية دائماً لتوجيه الوكالات الفيدرالية ولتنفيذ قوانين معينة، وهنا يرى الرئيس ضرورة تنفيذيها ولكن مع رقابة السلطة القضائية عليها كما أسلفنا، وتراقب كذلك من سلطة الشعب ممثلة بالكونغرس الذي من الممكن أن يرفضها من خلال تشريع قانون يمنع تطبيق أمر تنفيذي معين.
لهذه الأوامر حدود يجب ألا يتجاوزها الرئيس، أهمها ألا تخالف الدستور الأميركي وأن تكون مستندة لقوانين نافذة صادرة من الكونغرس وألا تكون الغاية منها تشريع قوانين يتجاوز من خلالها مجلس الشيوخ والنواب .
وبالعودة إلى الأوامر التي أصدرها الرئيس السابع والأربعين ترامب، فقد كان أكثرها جدلاً الأمر التنفيذي الذي يمنع الجنسية بالولادة، والذي أقام حقوقيون وناشطون دعوى قضائية لمواجهة هذا الأمر التنفيذي، لأن الغاية منه عدم منح الجنسية الأميركية بالولادة من مهاجرين غير شرعيين وقانونيين، والذي صدر قرار من قاض فيدرالي قرار بتعليق تنفيذ الأمر، والذي يحق للرئيس استئنافه.
ومن خلال البحث في هذا الأمر التنفيذي فإنه سيحدث جدلاً دستورياً عميقاً في الولايات المتحدة الأميركية، منها إلغاء حق المواطنة بالميلاد، وهو الحق الدستوري الراسخ، الذي يمنح الجنسية الأميركية تلقائياً لكل من يولد على الأراضي الأميركية، إذ ينص الدستور الأميركي بموجب التعديل الرابع عشر منه على أن "يعتبر جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو الحاملين لجنسيتها والخاضعين لسلطاتها من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها، ولا يجوز لأية ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة، كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية؛ ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطاتها من المساواة في حماية القوانين".
ويتضح من هذا النص أنه لم يحدد ما إذا كان المولود قد دخل أبواه بطريقة شرعية وقانونية من عدمه، وما أكد هذا الحق الدستوري قرار المحكمة العليا الأميركية الذي صدر في العام 1898 أي قبل ما يتجاوز 125 عاماً، لذا، فإن أي شخص يولد على الأراضي الأميركية له الحق في المواطنة، بغض النظر عن جنسية أبويْه.
يرى كاتب هذه السطور أن هذا الحق ووفق النظام الدستوري الأميركي لا يلغى إلا بتعديل الدستور وليس بأوامر تنفيذية تصدر عن السلطة التنفيذية كون أن هذا الحق قد منح الشرعية التشريعية من خلال نصوص الدستور والشرعية القضائية من خلال قرار المحكمة العليا، وهذا الأمر سوف يحدث جدلاً سياسياً، والأهم دستورياً وقانونياً حال رغبة الرئيس تنفيذه فعلاً.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير