تصريحات ترامب وسياسة "الكلتش"

{title}
أخبار الأردن -

 

مهند الرفوع

المُبتدِئ في تعلّم قيادة المركبات التي تعمل بناقل الحركة اليدوي يعاني كثيراً قبل أن تصبح قدمه اليسرى متناغمة مع "النقطة الحرة" التي تمنع توقف المحرك عن العمل. لا عنف ولا توتر في القيادة، ذلك الدرس الأول للتماهي مع آلية تعمل بالوقود ولا تفهم النوايا، وهو كذلك الدرس الأول والثاني والأخير في الدبلوماسية الناجحة. فأمام غُلوّ التصريحات الأخيرة لترامب وتهديداته لدولٍ كثيرة في العالم، سينجو محترفو "النقطة الحرة" فقط، أمّا ضعاف الدبلوماسية فإنهم سوف ينساقون دونما وعي لشطط التصريحات "الترامبية" المشحونة بالربح والاستعجال والاستعلاء.

المنطقة كلها على مائدة ترامب المسائية؛ في الليل، حينما ينتهي من تناول "ووبر هامبيرغر"، وقبل أن يمسح يديه من بقايا صلصة الخردل ينظر إلى خارطة منطقتنا لتخمير تصريحٍ جديد يخدم مصالحه ويحقّق ما في نفسه. 

الأردن ومصر؛ الحليفان الودودان، نالتهما بالأمس قرصاتٍ غير بريئة من زعيم الإدارة الأمريكية الجديد، وعلى الرغم من تأكيدهما لرفض فكرة التهجير منذ سنوات إلا أن الأوامر عاكست مصلحة المحيط بأكمله. وهنا، لا بدّ من العمل المشترك لإزاحة هذا المطلب إلى قائمة مطالب ترامب المنسيّة، فالوقت مناسب لفعل ذلك نظراً لانشغال "أشقر كوينز" بأكثر من قفزة هوائية في أماكن شتى من العالم، وإذا أسعفته ذاكرته وانصاعَ إلى المُحرّضين، فإنّ المناورات الدبلوماسية المحبوكة ببراعة هي المنفذ الوحيد لتأمين المنطقة من أزماتٍ كبرى غزيرة التناسل. 

البلدان؛ الأردن ومصر، قارَعَا من قبل تهديدات جمّة وتحصّلا على خبرة كافية في المواجهة والنجاة، كما أنّ لديهما القدرة على تفتيت هذا الملف الخطير من خلال رسم مآلاته الكارثية في أذهان العقلاء من أعضاء الإدارة الأمريكية والمنشقّين عن تصريحاته التصعيديّة. 

في الأردن بالذات، من الممكن أن يلعب اعضاء مجلس النواب دوراً مُهماً في التصدي لهذه التهديدات عبر تنظيم الرفض الشعبي وقولبته برلمانياً وسياسيّاً، وهم بلا شك بأمس الحاجة إلى استعادة ثقة الناخبين، وهذه فرصتهم التاريخية. وللعلم، فإن مجلس النواب أسهمَ تاريخياً في مساندة القيادة أكثر من مرة، وفي مواقف مشابهة.

الخارطة السياسية ما بعد صفقة التبادل مشوّهة المعالم معقّدة الانزياحات. لذا، فإن المسارات المُقبلة تتطلّب تكاتفاً داخلياً رصيناً وتآلفاً عربياً متيناً، بالإضافة إلى قيادة سياسيّة تتقن مهارة "التَحشير" دون الرجوع إلى الخلف.
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير