الغيشان يكتب: أوامر ترمب ليست قدرا !!

{title}
أخبار الأردن -

  نبيل غيشان
 

كنا نقول أن قوة الرئيس الأمريكي رونالد ترمب تظهر في أن أحدا لا يتوقع كيف سيتصرف! وهذا ما حدث يوم الأحد، فبينما كان العالم ينتظر من الرئيس ترمب طرح خطة للسلام في الشرق الأوسط او إعادة إحياء صفقة القرن "الموؤدة" والتي طرحها في ولايته الأولى لتصفية القضية الفلسطينية فإذا به يفاجئ العالم بطلبه من الأردن ومصر (اخذ المزيد من فلسطينيي غزة في خطوة قد تكون مؤقتة..).

وهذا الطرح يأتي تحت ذرائع إنسانية بان قطاع غزة مدمر ولا يمكن البدء في إعماره وسط هذا الركام الهائل ووجود النازحين، لذا لابد من ترحيل الناس من اجل استعادتهم لاحقا، وهو نفس طرح نتنياهو في أولى أيام عدوانه على غزة، عندما طالب بنقل السكان الى رفح المصرية (خوفا عليهم) ليتسنى له قتال حماس وهزيمتها ثم إعادتهم الى بيوتهم.

هذه الخطة خبيثة ملعونة وتتماهى مع مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولا يمكن القبول بها لأنها تعيد التحرش غير المبرر بمصر والأردن ويمكن أن تغير شكل الشرق الأوسط وتعبث بأمنه واستقراره. لو كانت إدارة ترمب يهمها راحة أبناء غزة لكان عليها أن تعلن خطة عاجلة لإنهاء الحرب وإعادة تعمير القطاع. وإن كان هناك ركام كبير يمكن أن يردم به جزء من بحر غزة لتوسيع مساحتها كونها أكثر منطقة في العالم اكتظاظا بالسكان.

أن هذا الطرح فاشل ولا يمكن فرضه على احد، لان أهل غزة لن يتركوها وقد تعلموا الكثير من الدروس والعبر من الاحتلال. فكل مؤقت في عرف إسرائيل هو دائم. وثانيا فان مصر والأردن قد رفضتا بتاتا فكرة التهجير من القطاع او من الضفة الغربية.

ما يهمنا في الأردن أن نقف جميعا خلف موقف الدولة الرافض للتهجير والوطن البديل، وقد عبر جلالة الملك عن ذلك في افتتاح الدورة البرلمانية الأولى بقوله (إن مستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه او تخرج عن مبادئه). وقد صفق أعضاء مجلس الأمة لهذه الجرأة في إعلان الموقف الرسمي.

وقد رأينا قرار الإدارة الأمريكية الجديدة في وقف ما تسميه (المساعدات) وإعادة فرض رسوم جمركية على الدول التي تربطها مع واشنطن اتفاقيات تجارة حرة ومنها الأردن، الذي تضرر بوقف تلك الأموال لمدة 90 يوما وكذلك فان المناطق الصناعية المؤهلة التي تصدر الى الأسواق الأمريكية منذ عام 2001 بدون رسوم جمركية تشغل أكثر من 40 ألف عامل وتذهب 25% من الصادرات الأردنية الى أمريكا بقيمة أكثر من ملياري دولار سنويا.

وهذا كله لا يوازي ما يقدمه الأردن للولايات المتحدة من خدمات أمنية وعسكرية كبيرة ضمن التحالف بينهما وخاصة بعد توقيع اتفاقية التعاون الدفاعي بين الأردن وأمريكا في آذار2021 والتي سمحت بوجود للقوات الأمريكية في 15 موقعا على الأراضي الأردنية وبتسهيلات كبيرة.

أن موقف الدولة الأردنية كان وسيبقى صلبا في الدفاع عن مصالحنا الاستراتيجية حيث أن الأردن لا خلاف بينه وبين أمريكا إلا فيما يخص القضية الفلسطينية ودفاعنا عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ابتداءً من جلاء الاحتلال وحتى إقامة الدولة الفلسطينية.

أن ترمب وأوامره وتعليماته وأمنياته ليست قدرا مفروضا على شعوبنا العربية، لكن التصدي لذلك ليس مطلوبا من دولة لوحدها، بل هذا عمل قومي وإسلامي من اجل المحافظة على مصالح العرب والمسلمين ونتمنى أن نرى تنسيقا عاجلا بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والسعودية والامارات العربية وقطر لإطلاق مشروع عربي للحل العقلاني والمقبول في المنطقة بما يجنبها تكرار الحروب والدمار والدماء.
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير