الرصاعي يكتب: هل تصبح التكنولوجيا هوية للاقتصاد الأردني

يشهد الأردن في السنوات الأخيرة نمواً ملحوظاً في قطاع التكنولوجيا والخدمات الرقمية، خصوصاً في مجالات مثل البرمجيات، والخدمات الرقمية، وتطوير تطبيقات الهواتف الذكية. وإذا استمرت الحكومة والشركات في توفير البيئة المناسبة لدعم الشركات الناشئة وتعزيز الابتكار التكنولوجي، فإن التكنولوجيا قد تصبح من القطاعات الرئيسية المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.
ونظراً لعوامل عديدة يتمتع بها السوق الأردني يمكن أن تصبح التكنولوجيا جزءاً أساسياً من هوية اقتصاد الدولة في المستقبل، فالأردن يمتلك بنية تحتية جيدة في مجالات مثل الاتصالات والتعليم، ويمتلك كوادر بشرية مدربة ومتطورة في مجالات البرمجة والهندسة، والاستثمار في هذه المجالات وتطوير سياسات تدعم الابتكار والريادة التكنولوجية، يمكن أن يمكنا قطاع التكنولوجيا من تعزيز نمو الاقتصاد الأردني.
ولجعل التكنولوجيا الجديدة رافداً قوياً للاقتصاد الأردني، يمكن للحكومة رسم وتنفيذ عدة استراتيجيات تعتمد دعم الابتكار وريادة الأعمال التكنولوجية، إلى جانب إنشاء حوافز ضريبية وتسهيلات قانونية لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، وكذلك دعم حاضنات الأعمال والمسرعات التي تساعد الشركات الناشئة على النمو، وتوفير تمويل للمشاريع الابتكارية من خلال صناديق استثمارية أو شراكات مع القطاع الخاص.
ويعد تعزيز التعليم والتدريب عاملاً أساسياً في سياق بناء الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا من خلال تحديث المناهج التعليمية في المدارس والجامعات لتشمل مهارات تكنولوجيا المعلومات، والبرمجة، والذكاء الاصطناعي، وتوفير برامج تدريب متخصصة في المجالات التقنية مثل تحليل البيانات، والأمن السيبراني، والبرمجة. ولا بد من دور مهم للجامعات والمؤسسات التعليمية لتطوير برامج تعليمية متخصصة تتماشى مع احتياجات السوق. كما أنَّ دعم البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاث?ة الأبعاد، يساهم بشكل فعال في زيادة عوائد التكنولوجيا على الناتج المحلي، وهذا يتطلب تخصيص ميزانيات أكبر لدعم البحث العلمي في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وتشجيع التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية مع القطاع الخاص لتطوير حلول تكنولوجية تساهم في تحسين الاقتصاد المحلي.
من المؤكد أنَّ إعطاء زمام المبادرة للقطاع الخاص في تطوير قطاع التكنولوجيا والرقمنة وبناء شراكات متينة مع الشركات العالمية ذات الاختصاص لتبادل الخبرات ودعم تطوير حلول محلية مبتكرة هو بمثابة قاطرة تطوير الاقتصاد المعتمد على الرقمنة والتكتولوجيا، بشرط تحسين البنية التحتية الرقمية وتعزيز سرعة وجودة الإنترنت على مستوى الدولة، وتشجيع التحول الرقمي في القطاعات الاقتصادية التقليدية ودعم الشركات التقليدية في قطاعات مثل الصناعة، والزراعة، والخدمات المالية، لتحسين إنتاجيتها من خلال استخدام التكنولوجيا، وتطوير حلول تك?ولوجية مبتكرة لتحسين كفاءة هذه القطاعات، ولا بد للحكومة والجهات المعنية من مراجعة التشريعات والقوانين التي تضمن حيوية العمليات والتطور في هذا القطاع وتشجع على الابتكار وتحمي الملكية الفكرية للمبدعين، ووضع إطار تنظيمي لتنظيم التحول الرقمي وضمان الأمان السيبراني وحماية البيانات.
من المؤكد أن جميع هذه الاستراتيجيات ستكون حاضرة في عمل مجلس تكنولوجيا المستقبل الذي تم تشكيله مؤخراً بعد توجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني لضرورة وجود هذا المجلس الذي من شأنه التحضير لكي يكون الأردن في مقدمة الدول إقليمياً وعالمياً التي تواكب التكنولوجيا الجديدة وتكون مساهماً فاعلاً في التحول الرقمي والخدمات المرقمنة، والأهم أن يدفع المجلس الحكومة نحو أن تتبنى السياسات الفاعلة وتنفذها بشكل متكامل، لكي يصبح قطاع التكنولوجيا محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في الأردن، ويمنح الاقتصاد فرصًا واسعة في مجالات ج?يدة ومتنوعة.