الحموري يكتب: قاب قوسين أو أدنى

م. فواز الحموري
رحلة علاج، ما أحوجنا إليها مع الهموم، وشفاء قيضت لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن تعاظم عليه الحزن والفقدان والأذى وحملته إلى منازل التكريم في الدنيا والآخرة؛ هي الإسراء من مكة إلى بيت المقدس وإمامة الأنبياء في صلاة جامعة تعكس معنى البيت ومدلول ذلك لقداسة المكان والقيمة بشهادة ربانية لسيد البشر وإبعاده عن بيئة الحزن إلى أخرى تجلب البهجة للنفس والراحة والدعة.
القبلة الثانية، والمحطة للعلا الأعلى عند سدرة المنتهى والسلام على أنبياء الله في كل سماء وهي المعراج وهدية الصلوات الخمس والتحيات وحظوة نبينا المصطفى المختار للاقتراب أكثر وأكثر من مكانته الفضلى وقاب قوسين أو أدنى والاطلاع على خفايا الأمور والتي ستكون للمستقبل وللبشر على مدار الدنيا إلى قيام الساعة وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (سو?ة النجم).
ونعود لما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج حيث رأى أولا: المَلَكْ جبريل -عليه السلام- في صورته التي خلقه الله عليها، وهي خلقة عظيمة، وآية من آيات الله، فهو مخلوق عظيم له ستمائة جناح، كل جناح منها حجمه مدّ البصر، ثانيا: البُراق، وهو دابة أبيض طويل أكبر من الحمار وأصغر من البغل، ثالثا: الأنبياء فرأى في كل سماء نبيّاً أو أكثر من الأنبياء، وسلَّمَّ عليهم، (على النحو الآتي: السماء الأولى: آدم عليه السلام. السماء الثانية: عيسى ويحيى عليهما السلام. السماء الثالثة: يوسف عليه السلام. السماء الرابعة: إ?ريس عليه السلام. السماء الخامسة: هارون عليه السلام. السماء السادسة: موسى عليه السلام. السماء السابعة: إبراهيم عليه السلام)، رابعا: مالك صاحب النار جاء في الأحاديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في رحلة الإسراء والمعراج المَلَك خازن النار؛ وهو مالك عليه السلام، حتى إن مالك هو الذي بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسلام. خامسا: البيت المعمور: وهو بيت يصلّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه أبداً. سادسا: سدرة المنتهى رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج الجنة ونعيمها. سابعا: نهر الكوثر؛ رأ? النبي -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج نهر الكوثر الذي خصّه الله به وأكرمه به.
كما اطلع النبي في رحلة المعراج على بعض أحوال الذين يعذّبون في نار جهنم، ورأى أصنافاً متعددة منهم: الصنف الأول: الذين يخوضون في أعراض المسلمين، ويقعون في الغيبة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ).
الصنف الثاني: الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ).
الصنف الثالث: الذين يأكلون الربا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الربا.
شواهد نقترب منها قاب قوسين أو أدنى من فهم معنى الإسراء والمعراج وتفاصيلها المعبرة من رحلة ما تزال حاضرة حين نلبي نداء الحق إلى يوم الدين، فهنيئا لمن يحافظ على عهد الإسراء والمعراج إلى يوم نلقى الله مخلصين له الدين.