ذيبان يكتب: الفرق بين الرئيس المعزول والرئيس الهارب

{title}
أخبار الأردن -

  احمد ذيبان

أقصد بالمعزول رئيس كوريا الجنوبية «يون سوك يول» وهو زعيم منتخب، وقد تم عزله بقرار من البرلمان، بعد اعلانه بقرار مفاجئ الأحكام العرفية، خلال خطاب متلفز يوم 3 ديسمبر الماضي، وبدا ذلك أمرا غريبا يتنافى مع المبادئ الديمقراطية.

وكانت ذريعة يول بهذا القرار اتهامه للحزب الديمقراطي الكوري، الذي يتمتع برلمانه بممارسة «أنشطة معادية للدولة»، والتعاون مع الشيوعيين الكوريين الشماليين لتدمير البلاد، وبالتالي خلق «دكتاتورية تشريعية»، وحظر قرار يون الأنشطة السياسية، بما في ذلك تجمعات الجمعية الوطنية والهيئات التشريعية المحلية، وعلق حرية الصحافة.

ويقول يول إن إرسال القوات لم يكن بهدف منع البرلمان من العمل، بل كان تحذيرا للحزب الديمقراطي الليبرالي المعارض الرئيسي، الذي استخدم أغلبيته في الجمعية الوطنية لعرقلة أجندة يول، وإضعاف مشروع قانون الميزانية الخاص به.

وفي إعلان الأحكام العرفية، وصف يول الجمعية بأنها «وكر للمجرمين» تعرقل شؤون الحكومة، وتعهد بالقضاء على «أتباع كوريا الشمالية عديمي الخجل والقوى المعادية للدولة"!

ولم يتوقف الأمر عند عزل الرئيس، بل ثمة اجراءات قانونية ودستورية لمساءلته، وهو يواجه اتهامات بالتواطؤ مع وزير الدفاع آنذاك كيم يونج هيون، لإثارة أعمال شغب بإعلان الأحكام العرفية، كما يواجه اتهامات بإساءة استخدام السلطة بإرسال قوات إلى الجمعية الوطنية، لمنع المشرعين من التصويت ضد المرسوم.

الخلاصة أنه تم حبس الرئيس المعزول ويخضع للتحقيق، فيما اذا ارتكب تمرداً عندما فرَضَ الأحكام العرفية، ويبقى القرار النهائي بيد المحكمة الدستورية، فيما إذا كانت ستؤيد أم ترفض عزله من قِبل البرلمان. وإذا جرى رفض العزل فسيُعاد إلى منصبه!

هنا نتحدث عن دولة قانون ومؤسسات يحكمها دستور، لكننا أمام نموذج آخر يتعلق بدولة عربية هي سوريا، التي عانت خلال 13 عاما من حرب داخلية، الطرف الأقوى فيها كان النظام الذي يحكم، وقد ارتكب خلالها مجازر مهولة بحق شعبه، يقدر ضحاياها بين نصف مليون ومليون شخص، بالاضافة الى دمار هائل في البنية التحتية والمدن الرئيسية طالت مساكن المواطنين، الأمر الذي أدى الى تهجير ونزوح ما يقارب نصف مواطني سوريا في داخل وخارج سوريا في مخيمات بائسة، أو الهجرة الى مختلف دول العالم عربية وأجنبية بحثا عن الأمن والعيش الكريم.

وللمفارقة، ربما يزيد عدد المهاجرين السوريين عن عدد المهاجرين الفلسطينيين، الذين أجبروا على مغادرة أرضهم التاريخية، بسبب الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الذي احتل فلسطين من البحر الى النهر، وارتكب خلال ما يزيد على 76 عاما مجازر وحشية، لا مثيل لها في التاريخ الحديث، كان آخرها الحرب الوحشية على قطاع غزة التي بدأت في 7 اكتوبر – تشرين الأول عام 2023، وأسفرت حتى الآن عن استشهاد نحو 50 ألف مدني وما يزيد عن 100 ألف جريح، فضلا عن مأساة النزوح المستمر داخل القطاع في ظروف بالغة القسوة.

والمفارقة أن النظام السوري كان قد استعان، لمعاقبة شعبه بالقصف المدفعي والجوي باستخدام «البراميل المتفجرة»، بالقوات الروسية والحرس الثوري الايراني، وعشرات الميليشيات الطائفية عربية وأجنبية التي استأجرتها ايران.

ورغم كل ما تمتلكه كل هذه القوى من أسلحة ومعدات ورغبة بالانتقام من شعب أعزل، كانت النتيجة نجاح ثورة الشعب السوري، التي بدأت سلمية لكن تعنت النظام وعنجهيته واستخدامه القوة العسكرية، حولت الثورة الى مسلحة، وكانت النهاية هروب رئيس النظام الى موسكو طالبا اللجوء الانساني، وهذا درس لكل الطواغيت بأن ارادة الشعوب لا تقهر.

 

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير