التل يكتب: الجيش وحُدودٌ من نار
أ.د. وائل عبد الرحمن التل
الجيش، هو الجيش، لم يبحث يوماً عن مجدٍ ليَمِنّ به على الوطن وعلينا، لذلك نجدهُ دوماً يكتفي بإصدارِ بياناتٍ مُقْتَضَبةٍ يُطلِعُنا فيها على «حدوث عمليّة تسلل، أو عملية تهريب، وتعامله معهما وفق قواعد الاشتباك وذِكْرِ ما نَتَج عنهما من نتائج» ليُبقينا بعدَ كُلِّ بيانٍ في ارتياح، ونمارسُ حياتَنا اليومية بثقةٍ واطمئنانٍ نفسي وننامُ بأمان.
وبعدما شاهدنا الفيلم الوثائقي «حُدودٌ من نار» على شاشة التلفزيون الأردني والذي أظْهَرَ جانباً من الخطر الحقيقي الذي يُحدِقُ بحدودنا، وأبْرَزَ وَجْهاً من وجوه الفِعلِ وردّ الفِعلِ السّريع لقوات حَرس الحُدود في المناطق العسكرية الشمالية والشرقية والجنوبية، وبمختلف واجهاتها ومناطق مسؤولياتها، أدركنا قيمة زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المستمرة لمقر القيادة العامّة للقوات المسلّحة وتوجيهاته السّامية ودعمه الكامل لها لتطويرها وتعزيزِ قُدراتها وتمكينها، وأدركنا قيمة المتابعة الدقيقة لرئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي للواجهاتِ الحدوديّة ووقوفه عن كَثَب على التحسينات فيها ذات الأهمية الاستراتيجية لتعزيز الكشف عن التهديدات على الحدود وتعزيز سلامة وكفاءة العمليات الحدودية، وأدركنا قيمة التمارين التعبويّة والمناورات المشتركة ومتعدّدة الجنسيات لمجابهة تهديدات العصر المستجِدّة والعابرة للحدود، وأدركنا ما وصلت إليه منظومتها المتكاملة من يقظةٍ حادّة، وجاهزيةٍ دائمة، وقوّةٍ حازمةٍ حاسمة، بتسخير كافة قدراتها البشريّة المؤهلة وآلياتها المتطوّرة وإمكاناتها التّقنيّة المتقدّمة وأنظمة الإنذار المتقدّمة وأنظمة المراقبة اليدوية في نظامٍ صارمٍ ودقيقٍ وعالِيَ الكفاءة لا يُسمح فيه بأي خطأ، وأدركنا حجم تضحياتها للدفاع عن الوطن وحفظ حدوده.
حدودُنا طويلة، وتضاريسُها ومساراتُها صعبة، وأحوالُها الجويّة قاسية، يخوضُ الجيشُ فيها، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية وإدارة مكافحة المخدّرات، حَرباً يوميةً عنيفة، واشتباكاتٍ مباشرةٍ شَرسة بقواعد صارمة، مع الشّبكات الإرهابيّة ومجموعات تهريب المجرمين والأسلحة والذخائر، ليمنعَ المَساسَ بأمنِنا الوطني وسلامةِ شَعبنا واستقرارِ مجتمعنا، ومع عصابات تهريب المواد المُخدّرة ليمنعَ محاولةَ وإعادةَ محاولةِ تهريبها، وقطع خطوط إمدادها، وضبط هذه المواد ليَحولَ دونَ وصولها إلى أبناءِ مجتمعِنا وحمايتِهم وأبناءِ دول الجوار من خطر تأثير المخدّرات كالهَذيان العقلي واضطّراب الوعي وشعور اللامعنى والضّياع الرّوحي والفكري والجنوح نحو السّلوك الجُرمي، وغيرها.
أخيراً، «أنا الأردنُّ، أنا والمجدُ والتاريخُ والعلياءُ والظَّفَرُ رفاقٌ، أنا جنّةُ الدنيا وبابُ العِزّ»، وكفى، والسلام.