الدرعاوي يكتب: الصناعة أولوية حكومية
سلامة الدرعاوي
لقاء رئيس الوزراء جعفر حسان مع القطاع الصناعي في غرفة صناعة عمان حمل دلالات مهمة على صعيد الشراكة المستمرة بين الحكومة والقطاع الخاص، وعلى الرغم من أن هذه العلاقة ليست جديدة، فإن اللقاء، الذي يُعد الأكبر من نوعه، كدفعة قوية نحو وضع مطالب القطاع الصناعي على طاولة الأولويات الحكومية.
ما يميز هذا الاجتماع أنه لم يقتصر على مجرد استعراض القضايا المعتادة، بل قدّم القطاع الصناعي، وبصورة موحدة، رؤية واضحة ومطالب محددة لمعالجة التحديات التي تواجهه، فهذه الرؤية جاءت بأسلوب مباشر ومنهجي، مما عزز من أهمية الحوار ودفع الحكومة للتعامل مع هذه القضايا بجدية، والوضوح والتنظيم الذي عُرضت به المطالب يجعلها مؤهلة لتكون ضمن أجندة أعمال مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة، وهو ما يعكس نضج العلاقة بين الطرفين وفاعليتها.
الحكومة، بدورها، أعادت التأكيد على التزامها بمبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، مع التركيز على القطاع الصناعي كركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، لذلك فإن إدراك الحكومة لأهمية هذا القطاع بدا جلياً في
تصريحات رئيس الوزراء، الذي أشار إلى قدرة القطاع على خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي، ومع ذلك، يبقى التحدي في القدرة على تحويل هذه التصريحات إلى قرارات وإجراءات ملموسة تُحدث فرقاً على أرض الواقع.
تكليف وزير الصناعة بتشكيل لجنة مشتركة مع القطاع الصناعي خطوة تعكس اهتمام الحكومة، لكنها في ذات الوقت اختبار لمدى جدية وفعالية هذه الشراكة، فالصناعيون يريدون أن تُترجم هذه اللجان إلى نتائج ملموسة، خصوصاً فيما يتعلق بتخفيف كلف الإنتاج، تسهيل التصدير، وتوفير بيئة استثمارية منافسة.
على صعيد المطالب، ركّز الصناعيون على قضايا هيكلية طال أمدها، مثل كلف الطاقة المرتفعة، وتأخر سداد المستحقات المالية، وضعف دعم التصدير، فهذه التحديات لا يمكن حلها عبر الوعود فقط، بل تتطلب إرادة سياسية قوية وإجراءات تنفيذية واضحة، وتزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي، على سبيل المثال، يُعتبر خطوة أساسية لتخفيض كلف الإنتاج وزيادة تنافسية القطاع.
ما يميز القطاع الصناعي الأردني هو دوره المحوري في الاقتصاد الوطني، حيث يساهم بنسبة 40 % من النمو الاقتصادي، ويمثل 94 % من إجمالي الصادرات، فهذه الأرقام تعكس قوة القطاع، لكنها أيضاً تسلط الضوء على ضرورة تقديم الدعم اللازم له لضمان استدامة هذا الأداء. إحدى النقاط اللافتة في اللقاء كان
الحديث عن دور السفارات الأردنية في الترويج للصادرات وتعزيز الاستثمار، فالصناعيون بحاجة إلى تفعيل هذا الدور بشكل أكبر، بحيث تصبح البعثات الدبلوماسية أداة فعّالة لفتح أسواق جديدة، والترويج للمنتجات الأردنية بشكل منهجي ومنظم.
وفي النهاية، اللقاء لم يكن مجرد محطة تقليدية في العلاقة بين الحكومة والصناعيين، بل كان بمثابة خريطة طريق للمرحلة المقبلة، والمطلوب الآن أن تترجم هذه التفاهمات إلى أفعال حقيقية وخطط تنفيذية
تزيل العقبات وتعزز من تنافسية القطاع الصناعي. الحفاظ على هذه العلاقة وتحسينها هو المفتاح لضمان أن يبقى القطاع الصناعي أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، وقاطرة للنمو والتنمية في الأردن.