هل ستنتقل الحرب من غزة إلى الضفة؟
زيدون الحديد
يبدو أنه من غير المستبعد أن تتصاعد التوترات في الضفة الغربية ويكون انفجار الوضع في الضفة في أي لحظة، خاصة في ظل الظروف السياسية والأمنية المتقلبة التي تعيشها المنطقة، كوننا نشاهد تزايدا في العنف بين الفلسطينيين والمحتل في الآونة الأخيرة.
فالضفة الغربية كانت وما تزال مركزا للتوترات بين الفلسطينيين والاحتلال، خاصة مع تنامي النشاط الاستيطاني والقمع الأمني، ومن المحتمل أن يكون الصراع في غزة قد منح القوى الفلسطينية وفصائل المقاومة فرصة لزيادة الضغط في الضفة الغربية، خاصة في المناطق التي تشهد مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، وبهذا يمكننا التنبؤ بانتقال الحرب من غزة الى الضفة الغربية.
إلا انه ورغم المعطيات الكبيرة التي تدعم انتقال الحرب للضفة، إلا ان هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار ستؤثر على مدى احتمال انتقال الحرب من غزة إلى الضفة الغربية، أهمها الظروف العسكرية، حيث إن المنطقتين تختلفان بشكل كبير، فغزة تعد ساحة حرب مفتوحة، بينما الضفة الغربية تضم العديد من المدن
والمخيمات السكانية ذات الكثافة السكانية العالية، مما يجعلها أكثر عرضة لردود الفعل العسكرية العنيفة من قبل الكيان الصهيوني المحتل، وبهذا سيزيد ضغط الدولي ويكون عاملا مؤثرا في تقييد تصعيد الأعمال العسكرية.
فالمجتمع الدولي، قد يسعى إلى تجنب تصعيد يمكنه ان يؤدي إلى تدخلات واسعة النطاق، بالإضافة إلى أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص لا تريد تغييرات كبيرة في المنطقة يمكنها أن تؤثر على مصالحها في هذه الفترة.
إلا أن انتقال الحرب إلى الضفة ستزداد احتمالاته بوجهة نظري إذا استمر الرئيس المنتخب الجديد للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب في تبني سياسة الدعم الكبير والمتشدد لصالح الكيان الصهيوني المحتل،
كون سياسته السابقة في دعم الكيان كانت واضحة خلال رئاسته الماضية، حين نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتراف بسيادة الكيان على مرتفعات الجولان، لهذا ومن المتوقع أن تشهد عودته إلى السلطة في 2025 تغييرا جوهريا في السياسة الناعمة التي كانت تتبعها الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.
ولان عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تعني مواصلة الضغط على الفلسطينيين لقبول تسويات سياسية تصب في مصلحة الكيان، ففرص تأجيج الصراع في الضفة الغربية قد تزداد، خصوصا إذا شعر ترامب أن تعزيز الدعم العسكري للكيان الصهيوني والذي سيكون أحد أولويات سياسته الخارجية.
ومع ذلك، قد يتردد ترامب في السماح بتصعيد عسكري كبير داخل الضفة الغربية، وذلك ليس فقط بسبب المخاطر العسكرية التي قد تنشأ، بل أيضا بسبب المخاوف من ردود الفعل السياسية التي قد تضر بمصالح الولايات المتحدة الأميركية بسبب الضغوط الدولية.
لهذا نعلم جميعا أن التنبؤ بعملية انتقال الحرب إلى الضفة من عدمها أمر صعب، إلا أنني أرى أن احتمالية موضوع انتقال الحرب في الضفة الغربية سيكون أمرا وشيكا ومسألة وقت لا أكثر في ظل الديناميكيات المحلية والإقليمية المتقلبة التي نشهدها على الساحة اليوم، نتيجة الظروف المتوترة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني المحتل، والتي ستتجه بالتالي نحو التصعيد بلا شك بسبب استمرار الدعم اللامحدود للكيان الصهيوني من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وبهذا لا يمكننا أن نستبعد أيضا أن تنتقل الحرب من الضفة الغربية إلى انفجار كامل في المنطقة مستقبلا.