علاقتنا بالوطن ...

{title}
أخبار الأردن -

  إبراهيم أبوحويله...

الفرد هو الأساس في الوطن، تستطيع أن تضع قوائم طويلة، بما هو المطلوب من الوطن تجاه المواطن، ولكن الأهم بنظري هي نظرة المواطن للوطن، في تلك المرحلة التي يفقد فيها الوطن نظرة المواطنة من المواطن تبدأ المشاكل، وعندما يتم معاملة الوطن على أنه مزرعة، أو يشعر المواطن بأنه مغترب في وطنه، ويسعى لتعظيم مكاسبه وتقليل نفقاته، عندها أيضا تبدأ المشاكل الكبرى، وندخل في الركود والكساد وتلك المصطلحات الرنانة التي يصدع بها رؤوسنا علماء الإقتصاد.

يبدو أن العلاقة بين الوطن والمواطن يصيبها ما يصيب العلاقات بين البشر، فهناك حب وتضحية وكره وبرود وطلاق أحيانا، وكل هذه تؤثر في طبيعة التعامل بين الطرفين، لن تجد مجتمعا يعم الرضى فيه كل الفئات، هذا أمر مستحيل، ولكن هناك علاقة صحية وعلاقة غير صحية، وهنا يقوم المواطن بدوره في حال الرضى وعدمه، ويقوم الوطن بأداء الحق للمواطن في حال القيام بالواجب من عدمه، وهذا على المجمل ما يحدث في تلك المجتمعات التي تجاوزت حاجز التنمية، وما حدث في المجتمعات التي تجاوزت عتبة المجتمعات الثالثة إلى الثانية أو الأولى.

إذا هي العلاقات في الوطن التي تؤثر بشكل كبير، والتي تساهم في تخفيف التوتر ونقاط الإختلاف، وخلق نقاط الإلتقاء والتركيز عليها، وحل مشكلة التقاطاعات في العلاقات للخروج من النقاط الساخنة.

هل نعاني من مشكلة مفاهيمية، تتعلق بتحديد المفاهيم، والوقوف عند ذلك الحد الذي يساهم في حل مشكلة، أو طرحها للحل، ولا يخلق بالتصرفات الفردية مشاكل جديدة، لا أعتقد بأن مجتمعاتنا وصلت إلى هذه المرحلة من النضج، عندما تدخل دائرة من دوائر الوطن العامة، فإن الشعور الرئيسي الذي تشعر به، أن هناك فئة عريضة من هؤلاء الموظفين لديهم مشكلة في تحديد طبيعة العمل، وآلية العمل والوقت المقدس للعمل، وما هو الحد الأدنى المقبول، فتسمع عبارة من قبيل ليس هناك داعي لأن تقول بأنك تعرف حتى لو كنت تعرف، فكلما زاد علمك ومعارفك كلما زاد حجم العمل الملقى على عاتقك، ولذلك تنقسم الفئات الوظيفية العامة في الأغلب إلى فئات عريضة لاتعرف، ولاتريد أن تعرف، ولا تسعى لأن تعرف، ولا إلى أن تتعلم، ولا تقوم بأي عمل إلا بالجهد القليل وبالوقت الطويل، يعني الكل ماخذ راحته، وغيابها وحضورها لا يشكل فرقا في الحقيقة، وفئة قليلة تقوم بكل شيء.

هنا تتضح طبيعة العلاقة مع الوطن هل هي علاقة طفيلية، أم علاقة تكافلية، ام علاقة تضحية وإنتماء، الاولى معروفة والثانية معروفة، أما الثالثة فهي تلك العلاقة التي تقوم بها فئة من الوطن بحمل أحمال تتجاوز ما تقدر عليه بمراحل، وهذه سواء ضحت بالدماء، او بالجهود والأوقات والأفكار هي التي تحمل الوطن، وكلما زادت فئة من هذه الفئات الثلاث كلما طغت هذه الفئة على الفئات الأخرى، وعندها إما أن يهبط الوطن بالجميع عندما تطغى الفئة الطفيلية على باقي الفئات، أو يبدأ بالإرتفاع إذا إنتقل إلى علاقة تكافلية أو بالنهوض والتطور إذا كانت العلاقة علاقة تضحية.

المشكلة الكبرى أن كل من في الوطن يدفع الضريبة، وهنا أقف مع حديث السفينة موقفا عجيبا، وهو إعجاز تشبيهي لغوي، ماذا سُيحدث خرق صغير في السفينة، وهذا الخرق سوف يريحنا من عناء الصعود والهبوط من أجل الماء، ولكن هذا الخرق سيأخذ الجميع إلى المرحلة السورية أو السودانية أو الإيرانية، هل يجوز ترك السفيه يفعل فعله في المجتمع، والسفه في اللغة هو نقص العقل والطيش في الحركة، ألم يتفق الشاطبي وإبن عاشور على أن علّة الأحكام الشرعية هي تحقيق المصالح العامة للإفراد والمجتمع ويذكر الشاطبي" ان الشريعة جاءت لتحقيق المصالح وإبعاد المفاسد، وكل حكم من أحكامها له علة فرض من أجلها، سواء كانت هذه العلة ظاهرة أو مستبطنة" .

الخلاصة: عندما لا نفهم مقاصد الشرع بشكل سليم، ولا نفهم معنى المواطنة ضمن مبدأ الحقوق والواجبات، ولا نطبق التطبيق الصحيح، فإن السفينة تغرق، والسفيه تطيش يده وعقله ويصبح المتحكم في الكثير من المفاصل، وبعدها الكل يدفع الثمن.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير