بين المرتجف والفاسد: وزيرنا في حيرة!"
كتب عبدالرحمن خلدون شديفات
في زيارتي إلى أحد وزراء الحكومة، وجدت نفسي أمام مشهد يشبه المسرح الهزلي "من وحي الخيال " . الوزير، الذي يبدو أنه عابر للحكومات، جلس أمامي وكأنه يتأمل في عوالم السياسة المظلمة. بعد لحظات من الصمت المطبق، أطلق قنبلة من العبارات التي تركتني في حالة من الذهول: "هناك نوعان من الوزراء: النوع الأول مرتجف، والنوع الثاني فاسد".
دعونا نتحدث عن الوزير المرتجف. هذا النوع من الوزراء يشبه العصفور الذي يحاول الطيران في عاصفة. كلما حاول اتخاذ قرار، اهتزت يداه وكأنهما في مسابقة الرقص على الجليد. لا يعرف كيف يتعامل مع التحديات، ويكتفي بالتحديق في الأوراق وكأنها ستحل له جميع مشاكله. أتعجب، هل نحن بحاجة إلى وزير يحمل دبلوم في "فن الرعشة" ليقود مؤسساتنا؟
و الوزير الفاسد، فهو كما يبدو الحل السحري لنهوض المؤسسات. فعندما تفتح خزائن الدولة، تجد أن هذا الوزير قد قام بتوزيع الأموال كأنها حلوى في حفلة عيد ميلاد. ينهض بالوزارة بطريقة تجعلنا نشعر أن الفساد هو وصفة النجاح الوحيدة التي نحتاجها. يا له من تناقض! هل وصلنا إلى مرحلة نبحث فيها عن الفاسدين ليكونوا قادة؟
وبينما كنت أفكر في هذه المفارقة، تذكرت أن هناك نوعاً ثالثاً من الوزراء، لكنه غير مُعترف به رسمياً: الوزير الذي يعمل بجد ويخاف الله. لكن يبدو أن هذا النوع قد انقرض مثل الديناصورات، ولا نراه إلا في القصص الخيالية.
أترككم مع سؤال محير: هل فعلاً وصلنا إلى مرحلة يُعتبر فيها الفساد الحل الوحيد لنهوض المؤسسات؟ أم أن المرتجفين بحاجة إلى دروس في الشجاعة؟ ربما علينا أن نبحث عن وزير يجمع بين الاثنين: شجاع بما يكفي ليكون نزيهاً، ومرتجف قليلاً لكي لا ينسى أن هناك من يراقب!