هل هذه هي الثلاث ركائز السرية لنهضة الأردن؟!..
محمود الدباس - أبو الليث..
حينما نتساءل.. لماذا لا يصبح الأردن في مصاف الدول المتقدمة؟!.. فإن الجواب يكمن في عمق التحديات التي تواجهنا.. وفي غياب تطبيق معادلة سرية.. قد تكون المفتاح للتحول.. تلك المعادلة التي أضاء عليها الدكتور زياد النجار في مقالته المميزة.. حول سر نجاح سنغافورة الباهر.. حيث أطلق عليها اختصاراً (.M. P. H) والتي تعني..
Meritocracy الجدارة..
Pragmatism البراغماتية..
Honesty الأمانة..
الركيزة الأولى..
الجدارة (Meritocracy).. وهي الاختبار الحقيقي لكل من يتولى مسؤولية إدارة دفة البلاد.. فالجدارة تعني أن تُمنح المناصب لمن يستحقها.. وليس لمن تربطه روابط شخصية.. أو عائلية بمن يملك سلطة القرار.. وهنا يبرز أحد أسباب تعثر دول العالم الثالث.. حيث تُمنح المناصب لذوي القربى.. دون اعتبار للكفاءة.. ولكن في سنغافورة.. كان الأمر مختلفا تماماً.. فقد أُعطيت المناصب لأكفأ الأشخاص.. بغض النظر عن صلتهم بمن هم في الحكم.. وقد ورد في مقال الدكتور زياد النجار.. مثال لرئيس الوزراء.. "لي كوان يو" (Lee Kuan Yew).. عندما عيّن ابنه "لي هسين لونغ" (Lee Hsien Loong) وزيراً للمالية.. ولكنه لم يفعل ذلك لأنه ابنه.. بل لأنه كان الأجدر.. متفوقاً في جامعتي كامبريدج.. وهارفارد.. ليكون بذلك المثال الحي.. على كيفية تحقيق مبدأ الجدارة.. دون الإخلال بقيم العدل والمساواة..
أما الركيزة الثانية..
البراغماتية (Pragmatism).. فهي تمثل التحرر من قيود الأيديولوجيات الجامدة.. والبحث عن حلول عملية.. تحقق النتائج الملموسة.. وهي ما نفتقده أحياناُ في طريقة إدارة شؤوننا الاقتصادية.. والاجتماعية.. حيث تُقيدنا المعتقدات السياسية.. أو الاقتصادية.. دون التفكير فيما إذا كانت فعالة حقاً.. سنغافورة اعتمدت خليطاً من السياسات الرأسمالية.. والاشتراكية.. ليس وفق عقيدة مسبقة.. بل بما يحقق الفائدة العامة.. فهل نملك نحن الجرأة.. لتبني سياسات جديدة.. وجريئة تتناسب مع احتياجاتنا الحقيقية؟!.. أم نبقى أسرى الأطر التقليدية.. والتي قد لا تناسبنا؟!..
أما الركيزة الثالثة..
الأمانة (Honesty).. فهي التحدي الأصعب في كل المجتمعات.. وكما أشار الدكتور زياد النجار.. فإن السبب الرئيسي لفشل العديد من الدول.. هو استشراء الفساد.. الأمانة ليست مجرد شعارات تُرفع في الخطب.. بل هي ممارسة.. تُجسدها أفعال صارمة.. ضد كل من يعبث بمقدرات الوطن.. وأخذ سنغافورة كنموذج واضح.. حيث لم يتردد رئيس وزرائها "لي كوان يو" (Lee Kuan Yew).. في سجن أحد نواب وزرائه.. بسبب شبهة فساد.. ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب.. فهل نملك نحن الشجاعة.. لمحاسبة المسؤولين الكبار.. قبل الصغار؟!.. وهل يمكن أن يصبح الخوف من العقاب.. حافزاً حقيقياً للتغيير في الأردن؟!..
إن تطبيق هذه المعادلة البسيطة.. والعميقة في ذات الوقت.. قد يكون ما يحتاجه الأردن.. ليصعد إلى مصاف الدول المتقدمة.. الجدارة لاختيار الأكفأ.. البراغماتية لاتخاذ القرارات الأنسب.. والأمانة لضمان الحفاظ على موارد الوطن..
ثلاث ركائز.. قد تكون مفتاح النجاح.. لكن السؤال يبقى.. هل نملك الإرادة لتحقيق ذلك؟!..