سوريا بين الخوف والتفاؤل...

{title}
أخبار الأردن -

 

محمد حسن التل

الحكم المتسرع على التغيرات الزلزالية التي حدثت في سوريا فيه  ظلم للإنجاز السوري،  والتفاؤل المفرط أيضًا فيه خطورة، فالأمور هناك لا زالت غير واضحة وغير مستقرة، لكن الظرف لا يعطي الحق لأحد أن يحكم على التطورات السورية خلال هذه المدة القصيرة، فالسوريون لا يزالون يعيشون نشوة الفرح بسقوط نظام عائلة الأسد الذي ظل جاثما على صدورهم أكثر من خمسين عامًا عاشوا خلالها أبشع أنواع الظلم والقهر والإقصاء.

الإشارات القادمة من دمشق إيجابية ، فالقيادة الجديدة هناك ترسل يوميًا عشرات الرسائل ترفع منسوب التفاؤل عند المراقبين على المستويين الداخلي والخارجي والواضح أن قادة هيئة تحرير الشام يتجهون إلى التحول السياسي لجعل قبولهم على المستويين المحلي والدولي ممكنا، لكن الأهم من ذلك أن يقتنعوا   بأهمية جعل مجموع السوريين يشاركون في صياغة مستقبل سورية الجديدة، وهذا هو الأساس إذا أرادوا تأسيس دولة ينضوي تحتها الشعب بكامله وهو عامل مهم في خلق توازن كبير على المستوى السياسي في البلاد ، وبدونه ستتجه الأمور إلى طريق لا يريده الشعب السوري ولا يريده أحد ، كما أن الإسراع في التلاقي بين مختلف التكتلات السياسية السورية الموجودة في الخارج والتي ظهرت بعد الثورة وتلك الموجودة في الداخل وعودة الجميع إلى البلاد والإجماع على هدف الإنقاذ الوطني يضمن الإنطلاقة المطلوبة نحو أماني وطموحات ومصالح الشعب السوري العليا.

كما ذكرت الإشارات التي تصدر حتى اليوم من دمشق إيجابية ووجدت قبولًا على المستوى الدولي وإن كان حذرًا .

قامت الثورة السورية قبل 14 عامًا لمواجهة الدولة البوليسية التي أقصت السوريين وتعاملت بعقلية العصابة في دائرة مغلقة وتركت الشعب  يعيش في الخوف والحرمان حتى تحولت الشام إلى دولة منبوذة على المستوى العربي والدولي، وخسر السوريون على كل المستويات وكانت حياتهم تسير دائما نحو المجهول .

تاريخ الثامن من كانون الأول الجاري يجب أن يكون ليس فقط نقطة فاصلة في إسقاط النظام السابق، بل يجب أن يكون نقطة انطلاق إلى آفاق جديدة تليق بسوريا الشعب والدولة.

التخوفات من قبل الكثير طبيعية سواء على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، أولها الخوف أن يقع اقتتال بين الفصائل المسلحة خصوصًا تلك غير المنضوية تحت هيئة تحرير الشام، الأمر الذي سيؤدي لا قدر الله إلى دخول البلاد بفوضى كبيرة تؤدي إلى عودة داعش لتمارس إرهابها، وكذلك الخوف من عدم التوافق بين الهيئات والتوجهات السياسية الوطنية على الوسائل التي تؤدي إلى الهدف المنشود من السوريين، مما سيؤخر خروج الشكل الجديد للبلاد ويطيل عمر فترة اللا توازن.

مسيرة الأحداث هناك منذ سقوط النظام السابق جيدة ومطمئنة حتى اليوم، لكن الخوف من التدخلات الخارجية وتصادم مصالح الدول ذات العلاقة بالملف السوري تبقى ماثلة وإن حدثت لا يمكن للشاميين  الاستفادة من التغيرات الجديدة التي كان عنوانها خلاص الشعب السوري.

على كل حال، الأحداث في سوريا تحت المجهر الدولي والإقليمي، وإن صدقت الأقوال التي تأتي من مختلف العواصم الفاعلة في العالم بأنها ستدعم هذه التجربة وستحرص على أن تكون سوريا دولة  يشارك بها كل السوريون وتكون مفيدة لأبنائها ومحيطها العربي والإقليمي دون تدخلات المصالح الخارجية، ساعتها سنرى سوريا الجديدة بشرط أن تكون كل التدخلات العربية والدولية فقط للصالح الوطني السوري .

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير