أول بيان لبشار الأسد بعد سقوط نظامه
شرح الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، تفاصيل الأحداث التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة، وأوضح بعض النقاط التي تم تداولها بشأن مصيره في ظل قرب دخول المعارضة العاصمة دمشق.
وأكد الأسد في بيان مسوب له، أن الأخبار التي تم تداولها حول مغادرته البلاد لم تكن صحيحة، مشيرًا إلى أنه بقي في دمشق حتى ساعات صباح الأحد 8 كانون الأول 2024، لمتابعة مهامه ومسؤولياته.
وأضاف أن انتقاله إلى اللاذقية جاء بتنسيق مع الأصدقاء الروس، وذلك لمتابعة العمليات القتالية من هناك، وبعد وصوله إلى قاعدة حميميم فوجئ بانسحاب القوات من كافة خطوط القتال وتدهور الوضع الميداني بشكل سريع.
وأشار الأسد إلى أن السلطات الروسية طلبت من قيادة القاعدة العسكرية تأمين إخلائه إلى روسيا مساء يوم الأحد بعد سقوط دمشق، في ظل تدهور الأوضاع بشكل حاسم.
وأكد الأسد أن في تلك اللحظات لم يتم طرح أي خيار للجوء أو التنحي، بل كانت الأولوية للاستمرار في القتال دفاعًا عن الوطن والشعب.
وأضاف الأسد في بيانه أنه لم يسع يومًا إلى المناصب الشخصية، بل كان يسعى لتحقيق مشروع وطني يدعمه الشعب السوري، مؤكدا أنه لم يتخل عن مسؤوليته تجاه شعبه أو عن حلفائه في المقاومة في فلسطين ولبنان، كما لم يتخل عن مواقفه الثابتة تجاه قضايا وطنية وإقليمية.
وأعرب عن إيمانه الثابت بأن الشعب السوري قادر على صون دولته والدفاع عن مؤسساته، مع التأكيد على أن التخلي عن المسؤولية كان خيارًا لا معنى له في ظل تراجع قدرة الدولة على تقديم أي شيء.
وفي ختام البيان، شدد الأسد على أن انتماءه لسورية وشعبها ثابت ولن يتأثر بأي منصب أو ظرف، معبرًا عن أمله في أن تعود سورية حرة ومستقلة.
وتاليا نص البيان:
مع تمدد الإرهاب في سورية، ووصوله العاصمة دمشق مساء السبت 7 كانون الأول 2024، بدأت الأسئلة تطرح عن مصير الرئيس ومكانه، وسط سيل من اللغط والروايات البعيدة عن الحقيقة وبما شكل إسناداً لعملية تنصيب الإرهاب الدولي ثورة تحرر السورية.
في لحظة تاريخية فارقة من عمر الوطن ينبغي أن يكون فيها للحقيقة مكان، فإن ثمة ما يستدعي توضيحه عبر بيان مقتضب، لم تسمح تلك الظروف وما تلاها من انقطاع تام للتواصل لأسباب أمنية بالإدلاء به والذي لا يغني بنقاطه المختصرة عن سرد تفاصيل كل ما جرى لاحقاً، حين تسنح الفرصة.
بداية.. لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 كانون الأول 2024. ومع تمدّد الإرهاب داخل دمشق، انتقلت بتنسيق الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها، وعند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبين انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش مع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه طلبت موسكو من قيادة
القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 كانون الأول، أي في اليوم التالي لسقوط دمشق، وبعد سقوط آخر المواقع العسكرية وما تبعه من شلل باقي مؤسسات الدولة.
خلال تلك الأحداث لم يطرح موضوع اللجوء أو التنحي من قبلي أو من قبل أي شخص أوجية والخيار الوحيد المطروح كان استمرار القتال دفاعاً في مواجهة الهجوم الإرهابي في هذا السياق أؤكد على أن من رفض منذ اليوم الأول للحرب أن يقايض خلاص وطنه بخلاص شخصي، أو يساوم على شعبه بعروض وإغراءات شتى، وهو ذاته من وقف مع ضباط وجنود جيشه على خطوط النار الأولى، وعلى مسافة عشرات الأمتار من الإرهابيين في أكثر بؤر الاشتباك سخونة وخطراً، وهو ذاته من لم يغادر في أصعب سنوات الحرب ويقي مع عائلته وشعبه يواجهان الإرهاب تحت القصف وخطر اقتحام الإرهابيين للعاصمة أكثر من مرة خلال أربعة عشر عاماً من الحرب. وأن من لم يتخل عن غير السوريين من مقاومة في فلسطين ولبنان، ولم يغدر بحلفائه الذين وقفوا معه، لا يمكن أن يكون هو نفس الشخص الذي يتخلى عن شعبه الذي ينتمي إليه، أو يغدر به وبجيشه.
إنني لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي بل اعتبرت نفسي صاحب مشروع وطني استمد دعمه من شعب آمن به، وقد حملت اليقين بإرادة ذلك الشعب وبقدرته على صون دولته والدفاع عن مؤسساته وخياراته حتى اللحظة الأخيرة. ومع سقوط الدولة بيد الإرهاب، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى البقاء المسؤول فيه. وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الإنتماء الوطني الأصيل إلى سورية وشعياء انتماء ثابتاً لا يغيره منصب أو ظرف. انتماء ملؤه الأمل في أن تعود سورية حرة مستقلة.