"صياد 107".. عقدة إسرائيل التي دفعت ثمنها

{title}
أخبار الأردن -

 

تمكنت طائرة مسيرة أطلقها "حزب الله" اللبناني، يوم الأحد، من اختراق الدفاعات الإسرائيلية، حيث اختفت تمامًا عن شاشات الرادار قبل أن تضرب قاعدة تدريب لواء جولاني، مما أسفر عن مقتل 4 جنود وإصابة 60 آخرين من الجيش الإسرائيلي.

تفاصيل الحادث

كشفت تحقيقات أولية في سلاح الجو الإسرائيلي تفاصيل هذا الهجوم المعقد، مشيرة إلى أن "حزب الله" نفذ خطة هجومية شاملة تضمنت استخدام الطائرات المسيرة إلى جانب إطلاق ثلاثة صواريخ دقيقة استهدفت منطقة حيفا في نفس الوقت. وتمكنت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك منظومة القبة الحديدية وسلاح البحرية، من اعتراض طائرتين مسيرتين، بينما اختفت الطائرة الثالثة التي كانت تحلق شمال شرق مدينة عكا عن شاشات الرادار.

تجدر الإشارة إلى أن الطائرة المسيرة التي أطلقها "حزب الله" يُعتقد أنها من طراز "صياد 107"، وهو نموذج معروف بقدرته على البقاء خارج نطاق الكشف الراداري. ورغم الاعتقاد في البداية بأن الطائرة قد تحطمت بعد فقدان الاتصال بها لفترة طويلة، أظهر التحقيق أنها قد رُصدت لفترة قصيرة على شاشات الرادار ولكن لم يتم التعرف عليها لمدة نصف ساعة. وباستثناء فترة قصيرة استمرت لدقيقة أو دقيقة ونصف، لم تُصنف الطائرة كتهديد جوي في الوقت المناسب.

استجابة الدفاعات الجوية

عندما تم رصد الطائرة، تلقت قسم المراقبة الجوية بلاغًا من الشرطة بشأن طائرة مشبوهة شوهدت في منطقة يوكنعام. ومع ذلك، تم تفسير المعلومات على أنها تتعلق بمروحية إسرائيلية كانت تحلق في نفس المنطقة، مما أدى إلى تأخر الاستجابة المناسبة. وبالنظر إلى وجود مروحية في الأجواء، اعتقد سلاح الجو أن الطائرة المشتبه بها كانت هي نفسها.

نتيجة لهذا الحادث، أصدر قائد سلاح الجو الإسرائيلي توجيهات بتوسيع نطاق التحذيرات المتعلقة بالطائرات المسيرة التي تفقد الاتصال بها، مشددًا على عدم الافتراض بأنها "تحطمت" إلا إذا كان هناك دليل قاطع. ويُتوقع أن تشهد إسرائيل في الأيام المقبلة تفعيل صافرات الإنذار في مناطق مختلفة كجزء من إجراءات الحذر، حتى لو تبين لاحقًا أنها إنذارات كاذبة.

قال سلاح الجو الإسرائيلي: "نحن ندخل في وضع الدفاع، حتى لو فقدنا الاتصال بطائرة مسيرة لمدة نصف ساعة، ولم نكن نعرف مكانها، سنتجه إلى أقصى درجات الحذر".

تكنولوجيا الطائرات المسيرة

تُعتبر الطائرة المسيرة "صياد 107" من الطائرات المصنعة في إيران، وتستخدمها جماعة "حزب الله" بشكل واسع. يمكن برمجة مسار طيران هذه الطائرة لتغيير الارتفاع والاتجاه بشكل متكرر، مما يجعل اكتشافها وتتبعها أمرًا صعبًا. يبلغ مدى الطائرة حوالي 100 كيلومتر، وهي صغيرة الحجم، ولها توقيع راداري منخفض للغاية مقارنة بالطائرات المسيرة الأكبر حجمًا والمصنوعة من المعدن.

تعتمد قدرة اكتشاف الطائرة على الحرارة المنبعثة من المحرك، وهو أمر يصعب تحديده عبر الوسائل البصرية. كما أن الجيش الإسرائيلي يفحص جميع الاحتمالات، ومن المؤكد تقريبًا أن الطائرة التي ضربت هدفًا حيويًا وتسببت في خسائر بشرية للجيش الإسرائيلي لم تكن نموذجًا متخصصًا فحسب، بل إن "حزب الله" نجح أيضًا في التغلب على أنظمة الكشف التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي أو تعطيلها من خلال إطلاق دفعة مختلطة من الصواريخ وطائرتين مسيرتين أخريين استهدفت الجليل الغربي.

استمرت الطائرات المسيرة في التحليق باتجاه البحر قبالة الساحل الشمالي، وتمكنت منظومة القبة الحديدية من اعتراض واحدة منها، بينما أرسل الجيش الإسرائيلي طائرات ومروحيات قتالية لتعقب الطائرات المتبقية، لكن الاتصال بها انقطع.

خبرة حزب الله في استخدام الطائرات المسيرة

يتمتع "حزب الله" اللبناني بخبرة كبيرة في تشغيل الطائرات، وهو ما أدى إلى نجاح هجماته بشكل ملحوظ العام الماضي. حيث يتم اعتراض أكثر من نصف الطائرات التي يطلقها "حزب الله" إما بواسطة طائرات مقاتلة تابعة للجيش الإسرائيلي تُرسل لمهاجمتها أو بواسطة أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داود. ومع ذلك، نظرًا لصغر حجم الطائرات، وتوقيعها الراداري المنخفض للغاية، غالبًا ما تفقد رادارات التحكم في إطلاق النار في القبة الحديدية وأجهزة الاستشعار البصرية على الطائرات المقاتلة والمروحيات مسارها، خاصة في المناطق الجبلية، حيث تكون أصداء الرادار من التضاريس مهيمنة ومضللة.

تُعتبر الطائرات المتطورة التي تصنعها إيران مزودة بأنظمة ملاحة بالقصور الذاتي، بالإضافة إلى الملاحة عبر الأقمار الصناعية، مما يمكنها من البقاء على مسارها وضرب أهدافها حتى في مواجهة تشويش نظام تحديد المواقع العالمي. وغالبًا ما يتجاوز كل من إيران و"حزب الله" أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية الأميركية، مستخدمين أنظمة ملاحة عبر الأقمار الصناعية فريدة من نوعها طورتها روسيا أو الصين.

ورغم أن روسيا وأوكرانيا لم تتمكنا من التوصل إلى حل فعال لتهديد الطائرات، على الرغم من الحرب المستمرة في المنطقة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، فإن الجانبين في هذا الصراع يعانيان من صعوبة اعتراض الطائرات المتفجرة والاستطلاعية التابعة للجانب الآخر.

التحديات المستقبلية

تواجه إسرائيل نقصًا وشيكًا في الصواريخ الاعتراضية، بينما تعمل على تعزيز الدفاعات الجوية لحماية البلاد من هجمات إيران ووكلائها. تستفيد الطائرات المسيرة، خاصة الصغيرة منها، من القدرة على التحليق على ارتفاع منخفض وبطيء، فضلاً عن قدرتها على التهرب من أنظمة الكشف البصري.

غالبًا ما تفشل جميع أجهزة الاستشعار، بما في ذلك الأنظمة البصرية والرادارية، في اكتشاف الطائرات المسيرة. وقد حاول الجيش الإسرائيلي وصناعات الدفاع الإسرائيلية إيجاد حل لهذه القضية على الأقل منذ بدء الحرب الحالية، ولكن لم يتم التوصل إلى حل فعال حتى الآن للكشف والاعتراض، خاصة في ما يتعلق بالتتبع والاستهداف المستمر، مما يتيح اعتراض الطائرات التي تُعتبر في الأساس صواريخ كروز مصغرة.

يمكن الافتراض أنه عندما تتمكن إسرائيل أخيرًا من نشر اعتراضات تعتمد على الليزر من الأرض ومن الجو، فإن عملية اعتراض هذه التهديدات ستكون أسهل وأكثر كفاءة من استخدام القبة الحديدية أو مقلاع داود أو الصواريخ الاعتراضية الجوية. ومع ذلك، لن يدخل نظام الليزر، على الرغم من خضوعه لعدة اختبارات، حيز التشغيل حتى منتصف عام 2025.

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير