الانتخابات البلجيكية والقضية الفلسطينية

حسان البلعاوي

إذا كان يوم الأحد القادم 9 حزيران يوماً هاماً لكافة دول الاتحاد الأوروبي، لأنه سيشهد انتخابات البرلمان، الأمر الذي سينتج تغييراً في المؤسسات التنفيذية للاتحاد الأوروبي، فإنه يتضاعف أهمية لبلجيكا  لأنه سيشهد أيضا انتخابات تشريعية شاملة في بلجيكا، وعليه فان هذه الورقة تقدم أولا توطئة عن سير الانتخابات في بلجيكا، يليها توصيف للمشهد السياسي الحالي على مستوى الحكومة والبرلمان، ثم تقديم التوقعات التي تقدمها مؤسسات الاستطلاع والإعلام البلجيكي لسير الانتخابات والنتائج المتوقعة وما سينتج عنها من حكومة جديدة قد يستغرق تشكيلها وقتا طويلا، وتختم الورقة بتعريف موقف الأحزاب السياسية البلجيكية من القضية الفلسطينية.

مقدمة عن النظام الانتخابي

في التاسع من شهر حزيران ا يتوجه الناخبون البلجيكيون البالغ عمرهم 18 عاما فما فوق الى 3 صناديق اقتراع في نفس اليوم وفي نفس المكان   لاختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي حالهم بذلك حال كافة مواطني 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، في البرلمان الفيدرالي البلجيكي   وأخيرا في البرلمانات الإقليمية، والجديد في هذه الانتخابات هذه المرة، هو التصويت للمرة الأولى للشباب البالغ أعمارهم 16 و17 في الانتخابات الأوروبية فقط.

ينتخب البلجيكيون 22 نائبا للبرلمان الأوروبي والذي يبلغ عدد 720 نائبا، و150 للبرلمان الفيدرالي و307 نائبا في مختلق البرلمانات الإقليمية.

يعود التصويت الثلاثي الى طبيعة النظام السياسي الفيدرالي البلجيكي والذي يعطي للمستوى الأول للحكم أي الدولة الفيدرالية للدولة الفيدرالية صلاحيات السيادة مثل الدفاع، والعدل، والأمن، والشؤون الخارجية، وسياسة الهجرة، والمالية، والضمان الاجتماعي، وهذه الصلاحيات تنطبق على جميع البلجيكيين في كافة اقاليمهم   

المستوى الثاني في الحكم يرتبط في الأقاليم الثلاثة وهي إقليم فلاندر الناطق باللغة الهولندية، الإقليم الثاني والوني الناطق باللغة الفرنسية والثالث إقليم العاصمة بروكسيل، وتتمتع هذه الأقاليم بصلاحيات مرتبطة مباشرة بالناس وحياتهم اليومية مثل السياسات البيئية وسياسات التوظيف والإسكان والتنقل..

ثم هناك3 مجموعات قومية، المجموعة الفلمنكية، المجموعة الفرنسية والتي أصبح اسمها الرسمي فيدرالية ولوني بروكسيل، والمجموعة الألمانية والتي تدير 9 بلديات ناطقة باللغة الألمانية واقعة في شرب بلجيكا.

هذه الأقاليم الثلاثة والمجموعات القومية الثلاثة هي الكيانات الفيدرالية والتي تقرر سياساتها بشكل ذاتي عن الدولة الفيدرالية ولكل كيان برلمانه وحكومته الخاصة باستثناء الإقليم والقومية الفلمنكية والذين قرروا الاندماج في برلمان واحد وحكومة واحدة.

أخيرًا، هناك مستوى السلطات المحلية المتكون من البلديات والمحافظات والذي يشهد انتخابات مرة كل سته سنوات بحيث ان الانتخابات القادمة مقررة في في 13 أكتوبر القادم. 

المشهد السياسي الحالي

تشكلت الحكومة البلجيكية الحالية مساء الثلاثاء 30ايلول 2020 وأدت القسم امام ملك البلجيكيين فيليب صباح اليوم التالي وهي منبثقة من الانتخابات التشريعية التي تمت في 26 مايو 2019 وقد استغرق زمن تشكيل الحكومة 493 يوما وهو ليس الأكبر في تاريخ الحياة السياسية البلجيكية إذا ما ذكرنا الحكومة التي تشكلت عام 2012، بقيادة الاشتراكي اليو دوروبو (الرئيس الحالي لإقليم والوني) حيث استغرق تشكيلها 541 يوما وهو الرقم القياسي حتى الان.

 وقد تم إطلاق تسميةVivaldi على هذه الحكومة نسبة لمقطوعة موسيقية شهيرة للعازف الإيطالي Antonio Vivaldi المولود في القرن السابع عشر في مدينة البندقية وتعني الأربعة فصول، أي أربع عائلات سياسية تنتمي اليها 7 أحزاب والتي تشكل الحكومة وهي على الشكل التالي:

 العائلة الاشتراكية وتتكون من الحزب الاشتراكي الناطق باللغة الفرنسية PS وله 21 نائبا والحزب الاشتراكي الناطق باللغة الهولندية والذي أصبح اسمه الجديد Vooruit وله 9 نواب

العائلة الليبرالية وتتشكل من حزب MR    الناطق باللغة الفرنسية وله 14 نائب وحزب Open Vld   الناطق باللغة الهولندية وله 12 نائب

العائلة الخضراء وتتكون من حزب Ecolo     الناطق باللغة الفرنسية الخضر وله 13 نائب وGroen    الناطق باللغة الهولندية وله 8 نواب

الحزب الديمقراطي المسيحي CDVالناطق باللغة الهولندية   وله 12

 ويكون بذلك عدد النواب الذين تمثلهم هذه الأحزاب   87 نائبا من 150 نائب وهو العدد الإجمالي للبرلمان الفيدرالي

 ولكن هذه الحكومة لا تشكل وحدها المشهد السياسي البلجيكي الحالي فهناك أحزاب فازت في الانتخابات الأخيرة ولها مقاعد في البرلمان ولكنها خارج الحكومة وسيكون لها كلمتها في المشهد السياسي القادم وهي على الشكل التالي:

الأحزاب الناطقة باللغة الهولندية

=NVA حزب يميني قومي وله 24 نائب وهو الحزب الأول في البرلمان هذا الحزب انفصال إقليم فلاندر عن بلجيكا

 ـ VB Vlaams Belang حزب يميني متطرف يعادي الأجانب وله 18 نائب

= حزب PDVA   ­اليسار الراديكالي وله 4 نواب

الأحزاب الناطقة باللغة الفرنسية

ـ PTb حزب العمال (يساري راديكالي) وله 8 نواب

ـ CDH الحزب الدمقراطي المسيحي وله 5 نواب وقد أصبح اسمه الان Les Engagés

ـ Défi الحزب الديمقراطي الفرانكفوني وله نائبان

التوقعات

تشير استطلاعات الراي والتي تنشرها اغلب وسائل الاعلام البلجيكية بشقيها الناطق باللغة الفرنسية واللغة الهولندية الى المعطيات التالية والقابلة للتغير في اليوم الأخير:

المعركة الاشتراكية الليبرالية على أشدها

  • هناك تقدم للحزب اليميني الليبرالي MR   والذي لأول مرة منذ عام 2019، أصبح اعلى قدم المساواة مع الحزب الاشتراكي في إقليم والونيا المصنف انه قلعة اشتراكية ، حصل الحزبان على 22.6% من نوايا التصويت، وهي أفضل نتيجة حصل عليها الليبراليون خلال الاستطلاعات الأخيرة، كما عزز  الليبراليين حضورهم في إقليم بروكسيل  بحصولهم على المركز الأول بنسبة 23.3%، متفوقين بفارق كبير على الاشتراكيين (قرابة 8 نقاط) وعليه سيكون هناك تنافس كبير شديد بين الحزبين حتى اللحظات الأخيرة من المعركة  الانتخابية، واذا صدقت هذا الاستطلاعات في الليبراليون سيحلون في البرلمان الفيدرالي على 19 مقعد بدل من العدد الحالي وهو 14 مقعد
  • وتشير الاستطلاعات أيضا ان الحزب الليبرالي سيحقق تقدما على حساب Défi الحزب الديمقراطي الفرانكفوني وحزب الخضر
  • على الجانب الآخرمن الحزب الاشتراكي والذي تشير استطلاعات الراي الى تراجعه فانه يعمل الان على تشديد لهجته تجاه الحزب الليبرالي ويستهدف فرضية التحول إلى اليمين في السلطة خلال السنوات الخمس المقبلة، مع التركيز على خطر العودة إلى شكل من أشكال التقشف الذي من شأنه أن يكون ضارًا اجتماعيًا وللخدمات العامة.
  • في هذه الأثناء، حتى لو تقدم قليلا في إقليم ولوني طبقا لاستطلاعات شهر مارس الماضي والتي تشير الى حصوله على نسبة (22.6% مقابل 21.3%)، يرى الحزب الاشتراكي، يدرك انه أصبح على قدم المساواة مع الحزب الليبرالي وانه إذا صحت التوقعات فانه سيخسر ثلاثة نواب في البرلمان الفيدرالي ليصبح 16 بعد ان كان 19.
  • مما لا شك فيه ان نسبة الناخبين المترددين والذين لم يحسموا بعد لمن سيصوتون، سيكون عامل هام في المعركة الاشتراكية الليبرالية ومن الأسئلة المطروحة في جولة الانتخابات والتي ستكون لها دور في التصويت له هي مع من سيحكم، هل سيحكم مع الحزب الليبرالي كما هو الحال في الحكومة الحالية؟ كمان الاشتراكين يرفضون أي فكرة تحالف مع حزب NVA اليمني القومي ولا يبدون سيقبلون على انفتاح مع الحزب اليساري PTB، هذه الضبابية تؤثر على قاعدته الانتخابية
  • مع ذلك هناك نقطة إيجابية أتت من شمال بلجيكا من الحزب الاشتراكي الشقيق له الناطق باللغة الهولندية وهو Vooruit والذي تشير الى احتفاظه في مكانته المتقدمة، الامر الذي سينعكس حتما على تمثيل العائلة الاشتراكية بشقيها الفرانكفوني والهولندي في البرلمان الفيدرالي القادم.
  • وللتدليل على حدة الصراع الانتخابي بين الحزبين الكبيرين الاشتراكي والليبرالي فمن المفيد اخذ نموذج مرشحة الحزب الليبرالي، وزيرة الخارجية الحالية حاجة الحبيب.
  • حاجة الحبيب، من اصل جزائري من اسرة مهاجرة، وزيرة الخارجية البلجيكية في الحكومة السابقة والتي رشحها حزب اليمين الفيدرالي MR  في يوليو 2022، من قبل رئيس الحزب، بدلا من وزيرة الخارجية السابقة صوفي ويلميز، والتي اختارت الانسحاب مؤقتا من الحياة السياسية لأسباب خاصة،  كانت بالأساس صحفية ومذيعة اخبار في القناة العامة الناطقة باللغة الفرنسية، وعندما تم تعينها في هذا الموقع كان هذا مثار دهشة للعديد من الفنانين والصحفيين والذين كانوا يضعونها اكثر في معسكر اليسار.
  •  هي اليوم المرشح الثاني على قائمة الحزب اليميني الليبرالي في إقليم بروكسيل وهي حسب الاستطلاعات التي تمت في 25 مايو الماضي، تحتل المرتبة الخامسة من الشخصيات المفضلة للبلجيكيين كما تحتل المرتبة الثالثة داخل الحزب الليبرالي بعد صوفي ويليمز والتي كانت رئيسة الوراء خلال فترة جائحة كورونا وجورج لوي بوشي رئيس الحزب. وهي بلا شك تزعج الأحزاب اليسارية وأنصار البيئة لأنها تنافسهم على أصوات البلجيكيين من أصول متنوعة وتحديدا عربية.
  • لكن في مواجهة الوزيرة، الصحفية السابقة مرشحة اليمين، يقدم الحزب الاشتراكي شخصية نسائية   في وزيرة الدفاع Ludivine Dedonder وهي أيضا كانت صحفية مختصة في الرياضة في نفس القناة التي كانت تعمل بها حاجة الحبيب أي RTBF (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون البلجيكي) ولها أيضا حضور في الشارع البلجيكي.
  • مع ذلك ومع اشتداد المعركة الانتخابية بين الاشتراكين والليبرالين فان كل كلمة في الأوقات الأخيرة قد تغير من موازين القوى والمثال الصارخ هو الجدل الحاد خلال مناظرة تمت يوم الاحد على أحد القنوات البلجيكية بشكل مباشر بين رئيس قائمة الحزب الليبرالي في إقليم والوني بيير إيف جيهوليت، وهو بنفس الوقت رئيس فيدرالية والوني بروكسيل، والنائب عن الحزب اليساري   PTB   نبيل بوكيلي وهو من أصل مغربي.
  • ومن بين القضايا التي تناولتها هذه المناظرة الساخنة موضوع ارتداء النساء الحجاب اثناء عملهم في المجال العام، حيث رفض المسؤول الليبرالي هذا الامر رفضا قاطعا في الوقت الذي كان يدافع عنه النائب اليساري، مستشهدا بما يحدث في دول أخرى مثل بريطانيا حيث تستطيع المرأة وضع الحجاب خلال عملها الرسمي حتى في مجال الشرطة، فما كان من المسؤول الليبرالي الان قال بحدة "لا تأتي وتعطينا دروسًا هنا في بلجيكا. إذا لم يعجبك ذلك، فلا يتعين عليك البقاء في بلجيكا". وقد وصف رئيس احدى المنظمات المعادية للعنصرية ان هذه التصريحات " عنصرية ومعادية للأجانب " وأثار هذا التصريح موجة احتجاجات واسعة، قد تضعف من مكانة الحزب الليبرالي في إقليمي بروكسيل ووالوني   

تراجع الخضر واستعادة اليمين الوسط قوته

  • تشير الاستطلاعات الى تراجع واضح لحزب الخضر، حيث تقول هذه الاستطلاعات الى انخفاض رأس مالهم الانتخابي إلى النصف تقريبًا في إقليم والونيا كما هو الحال في بروكسل، حيث انتقل من 14.9٪ من الأصوات في صناديق الاقتراع عام 2019 في جنوب البلاد إلى 8.8٪ من نوايا التصويت الآن، و21.6٪ من الأصوات في عام 2019 في منطقة بروكسل بنسبة 12.5٪. نوايا التصويت.
  • ترى الاستطلاعات ان حزب Les Engagés أي الملتزمون وهو امتداد الى حزب CDH أي الحزب الديمقراطي الإنساني، قد أعاد بناء نفسه من جديد منذ عامين وانه يعود بقوة بعد ان وصل إلى 18.1% من نوايا التصويت في إقليم بزيادة .4 7نقطة أكثر مما كان عليه في الانتخابات الأخيرة - وهو ما يتجاوز بكثير هامش الخطأ البالغ 3.1%. أفضل نتيجة له منذ عام 2019 وبذلك يكون المركز الثالث خلف حزبي PS وMR المتعادلين.
  • تشير التوقعات ان حزب Les Engagés   سيسحب جزء من ناخبيه من جهور الحزب اللبرالي ومن حزب الخضر ويعزوا المراقبون هذا التقدم لاستراتيجية الإصلاح التي اتبعها رئيس الحزب ماكسيم ديفو في إصلاح البرنامج، تغيير الاسم واللون، للحزب انفتاح واسع إلى حد ما على المجتمع المدني مما يسمح له باستعادة مكانته السابقة.

اليسار الراديكالي حقيقة ثابتة صاعدة وانحسار في الحزب الفرانكفوني

  • تشير الاستطلاعات ان حزب العمال اليساري PTB لا يزال راسخًا بقوة في المشهد السياسي البلجيكي، وهذا يرجع بشكل أساسي إلى أدائه في إقليم بروكسيل الا ان الامر ليس نفسه في إقليم والوني حيث انه ما زال عالقا، وتشير نوايا التصويت انه وصل وإلى 19.8٪ من نوايا التصويت في نهاية عام 2023.
  •  وكان الحزب الوحدوي PTB-PVDA يركز بشكل استراتيجي على حملته لبعض الوقت على الجانب الفلمنكي، معتقدًا ويُعتقد أنه ربما أهمل بعض الشيء الجانب الفرانكفوني في جنوب البلاد ـ ذلك لأنه على الجانب الفلمنكي في محاولة كسب ناخبين الحزب اليمين المتطرف المعادي صراحة للأجانب Vlaams Belang
  • من جهة أخرى، ارتفعت نسبة المؤيدين لحزب PTB في بروكسل الى (19.8% من نوايا التصويت، مقارنة بـ 12.3% من الأصوات في عام 2019)، حيث انتقل إلى المركز الثاني خلف الحزب الليبرالي MR، متقدما بفارق كبير على الحزب الاشتراكي المتعثر، ويعزوا المراقبون هذا التقدم للالتزام القوي من جانب PTB بالدفاع عن القضية الفلسطينية والمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل.
  • يعاني Défi الحزب الديمقراطي الفرانكفوني من انهيار في المشهد السياسي بسبب الخلافات القوية بين الرئيس السابق للحزب أوليفييه مينجين، والرئيس الحالي فرانسوا دي سميت، أدى الى حصوله على 0.3 نقطة فقط، ويذهب جمهور الحزب الى حزب Les Engagés  

شبح "الأحد الأسود" في إقليم فلاندر

صعود اليمين المتطرف

  • تشير الاستطلاعات التي تمت في شهر مارس الماضي الى تحولات هامة  قد تحدث في المشهد السياسي في إقليم فلاندر والتي سيكون لها اثر على مجمل الساحة البلجيكية  ومن ابرزها المكانة الأولى التي يحققها حزب  Vlaams Belang ، اليميني المتطرف والمعروف بعدائه للأجانب في نوايا التصويت التي تشير الى حصوله على نسبة   26.8% في مايو في الوقت الذي حصل فيه في انتخابات عام 2019 على نسبة 18.9% من الأصوات، مما يجعله الحزب الأول، ان صدقت الاستطلاعات وهو الذي يدفع المراقبين بدق ناقوس الخطر والحديث عن " احد اسود " يوم 9 حزيران لدى ظهور النتائج.
  • الجديد في المشهد السياسي غي إقليم فلاندر وان صحت التوقعات ان N-VA اليميني القومي والذي ينادي بانفصال إقليم فلاندر عن بلجيكا بقيادة، Bart De Wever رئيس بلدية انتويرب (بها الميناء الأول في بلجيكا ومشهورة بتجارة الألماس وهي التي رفعت العلم الإسرائيلي على مقر بلديتها في بداية احداث 7 أكتوبر) أصبح في المركز الثاني في الإقليم بحصوله 20.6% من المستطلعين. وهي نسبة بعيدة عن الـ 25.5% التي حصل عليها الحزب عام 2019.
  •  في هذا السياق يمارس حزب NVA   في الأيام الاخرة الأخيرة استراتيجية النأي بنفسه عن حزب Vlaams Belang. وأعلن بارت دي ويفر للمرة الأولى أنه «يستبعد العمل» مع حزب اليمين المتطرف بعد الانتخابات، وذلك في مقابلة على قناة VRT. وذلك بأمل ان يحصد أصوات جديدة معادية لليمين المتطرف.

تقدم الاشتراكين مقابل تراجع الوسط واليمين وانحسار الحضر

  • اما حزب إن CD&V أي الحزب الديمقراطي المسيحي (وهو حزب في الائتلاف الحكومي الحالي) وهو الحزب الثالث في الإقليم فقد بدا يشهد حسب الاستطلاعات الأخيرة تراجعا طفيفا من نوايا التصويت من نسبة 13.1% إلى 12.2%، وقد تجاوزه الحزب الاشتراكيVooruit الذي استعاد عافيته. وبعد ثلاث موجات متتالية من التراجع، بدأ الاشتراكيون الفلمنكيون في التحسن، واستعادوا ثلاث نقاط مئوية (من 11.4% إلى 14.3%).
  • بالنسبة الحزب اليساري الناطق باللغة الهولندية وPVDA    ​​​​ وهو الحزب الشقيق لحزب PTB في الطرف الفرانكفوني، فانه يشهد تراجعا طفيفا ويطل عالقا تحت نسبة   10% ا ليكون بذلك الحزب الخامس.
  • فيما يتعلق بحزب Open VLD الليبرالي الناطق باللغة الهولندية والذي يقوده رئيس الوزراء لرئيس الوزراء ألكسندر دي كرو، فانه يواجه صعوبات حقيقية، بفقدانه في الاستطلاعات 5 نقاط مئوية مقارنة بانتخابات 2019، أو 40% من أصواته. وإذا تم تأكيد هذه النتيجة في غضون أسبوعين، فستكون الأدنى على الإطلاق بالنسبة لليبراليين الفلمنكيين ولكن الحزب يبقى يراهن في الأيام الأخيرة على شعبية رئيس الوزراء لدى الراي العام البلجيكي في تحسين وضعه.
  • وأخيرا، وكما هو الحال في بلجيكا الناطقة بالفرنسية، فإن حزب الخضر في حالة في حالة تراجع واضح في إقليم فلاندر فقد حقق نسبة 6.6% مؤخرا متراجعا عن 9.2% في ديسمبر الماضي.

أي حكومة قادمة؟

من الواضح تماما وطبقا لكافة الاستطلاعات التي أجرتها مختلف وسائل الاعلام البلجيكية بشقيها الفرانكفوني والهولندي، وعلى كافة الأحزاب في الشطرين ان الحكومة الحالية المكونة من 7 أحزاب والتي يطلق عليها اسم Vivaldi   والتي تملك 87 مقعدا على 150 البرلمان، مما أعطاها الأغلبية في تشكيل البرلمان، فان هذه الحكومة وطبقا للاستطلاعات وان صدقت فلن تحصد اكثر من 72 وهذا عدد غير كاف لتشكيل الحكومة القادمة، الامر الذي يفتح الباب واسعا الخوض في مفاوضات بين الأحزاب قد تستغرق شهورا طويلة للوصول الى ما يعرف " بالصيغة البلجيكية "، وفي هذه الاثناء ستسمر نفس الحكومة الحالية تحت بند حكومة إدارة الاعمال، فيما سيكون الأمور  اقل تعقيدا في تشكيل حكومات الكيانات الفيدرالية الخمسة، ولن ينعم البلجيكيون بصيف هادي تماما فهم على موعد اخر في الانتخابات البلدية والتي تكون في أكتوبر وستكون مناسبة لكل حزب اما ان يحكم سيطرته او يحاول تعويض ما سيخسره في الانتخابات التشريعية.

الأحزاب البلجيكية والقضية الفلسطينية

ليس من المبالغ به القول ان القضية الفلسطينية، لا تمثل بالنسبة لبلجيكا، جزءا  من السياسية الدولية،  ولكن تمثل أيضا جزءا من السياسة الداخلية، لما لهذه القضية المشتعلة منذ عقود، من تماس مباشر مع فئات عديدة من المجتمع البلجيكي، بكافة تنوعاته، ومع نخبه السياسية، الإعلامية والثقافية، ولعله ليس مصادفة ان تكون هذه القضية حاضرة في اخر برنامج حكومي بلجيكي تم التوصل الية في حزيران 2020 في الفقرة التالية : " ستتخذ الحكومة المزيد من الخطوات في اتجاه سياسة التميز  الثنائي والمتعدد الأطراف فيما يتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية، ستعمل على المستوى متعدد الأطراف وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي أو، عند الاقتضاء، مع مجموعة ذات مغزى  من الدول ذات التفكير المماثل على  اتخاذ قائمة من الإجراءات المضادة الفعالة والمتناسبة في حالة قيام إسرائيل بضم اراضي فلسطينية، وعلى اعتراف ممكن، في وقت ( مناسب ) بالدولة الفلسطينية  "

واليوم ومع دخول الحرب الإسرائيلية الشاملة ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة شهرها الثامن، ومع اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين، نظمت حركة التضامن البلجيكية مع الشعب الفلسطيني ممثلة بالجمعية البلجيكية الفلسطينية في 22 نيسان الماضي وبالتعاون مع الحركة العمالية المسيحية، اتحاد اليهود التقدميين ومؤسسة CNCD-11.11.11 ندوة جمعن ممثلين عن كافة الأحزاب السياسية البلجيكية الناطقة باللغة الفرنسية وطرحت عليهم 10 أسئلة تتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية، لمعرفة موقفهم منها.

وكانت الأسئلة على الشكل التالي: هل تعترفون بوجود نظام فصل عنصري اسرائيلي ؟، هل تؤدبون قرار منع التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية؟ هل أنتم مع عدم السماح للمؤسسات المتورطة في علاقة مع المستوطنات في التواجد في الأسواق العامة؟

هل أنتم مع فرض حظر عسكري كامل على إسرائيل؟ هل أنتم مع تعليق البعثات الاقتصادية الإقليمية لإسرائيل؟ هل أنتم مع حق مقاطعة إسرائيل؟ هل أنتم مع دعم المجتمع المدني الفلسطيني؟ هل أنتم مع دعم وكالة الأونروا؟ هل أنتم مع عقوبات ضد إسرائيل؟ هل أنتم مع تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والإسرائيلي؟ وقد لخصت جمعية التضامن إجابات الأحزاب بوجود اتام بين الحزب الاشتراكي وحزب الخضر وحزب العمال مع ما تطرحه حركة التضامن مع فلسطين وهذا تطوراً ملحوظاً مقارنة بحملة 2019، وينضم الاشتراكيون الآن إلى دعاة حماية البيئة والشيوعيين في الاعتراف بممارسة إسرائيل للفصل العنصري ومعارضة البعثات الاقتصادية الإقليمية لإسرائيل.

وعلى العكس من ذلك، يبدوا الحزب الليبرالي بتبني رؤية أقرب للموقف الإسرائيلي، لأنه يرفض كافة مقترحات حركة التضامن رفضاً قاطعاً. وبالإضافة إلى استبعاد أي إجراء يمكن أن يساهم بأي شكل من الأشكال في تعزيز الضغوط على تل أبيب، فمن الصعب أن نجد فيه أدنى تعاطف مع الشعب الفلسطيني، الذي يدعي مع ذلك أنه يعترف بتطلعاته المشروعة.

 وفيما يتعلق بالسؤال المتعلق بدعم المنظمات غير الحكومية الفلسطينية التي تضهدها إسرائيل، يجيب الحزب الليبرالي بالنفي، متبنيًا، على ما يبدو، الرواية الإسرائيلية التي تصفها بالمنظمات الإرهابية.

 إن حماسة حزب اليمين تذهب إلى حد دفعه إلى مخالفة مواقف وزيرة خارجيته، حاجة الحبيب خاصة فيما يتعلق بالحاجة الملحة إلى ضمان تمويل الأونروا

في وسط المشهد السياسي البلجيكي، يظهر الحزب الفرانكفوني DEFI   اقل اندفاعا تجاه إسرائيل مما يطهره بعض رموزه المؤيدين لإسرائيل، ولكنه في المقابل يطهر استعداد لاتخاذ إجراءات مضادة ضد إسرائيل، في حين أنها مترددة في احتمال أن تفرضها بلجيكا بمفردها. ويبدو أن هناك نهجًا معينًا في مجال حقوق الإنسان، وهو ما يتجلى بشكل خاص في دعمه للمجتمع المدني الفلسطيني والأونروا.

واما بالنسبة لحزب les Engagés، فيسود الحذر، حيث يجيب ممثليه بوضوح على نصف الأسئلة فقط. ومن بين هذه الاقتراحات، هناك قضيتان بالإيجاب، تتعلقان باستبعاد الشركات العاملة في المستوطنات من العقود العامة، والحظر العسكري الكامل ضد إسرائيل (ولكن ضمن إطار أوروبي فقط).

ولذلك فإن هذا الشعور مؤيد إلى حد ما لتحقيق العدالة للفلسطينيين الذي يسود في بلجيكا الناطقة بالفرنسية. وترجمته سياسياً ستعتمد على التوازنات الداخلية للحكومات المقبلة، وفي داخلها، على قدرة أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية حماساً على إعطائها الأهمية التي تستحقها.

على مستوى إقليم فلاندر فالمواقف متشابه للأحزاب التي تمثل امتداد على الساحة  الفرانكفونية باستثناء حزبي اليمين القومي واليمين المتطرف والين يدعمون إسرائيل وباستثناء رئيس الوزراء اليسكاندر دوكو والذي يراس حزب Open VLD  الليبرالي، والذي وحتى ان اتفق مع حزب MR   الليبرالي من الجانب الفرانكفوني، في عدم الموافقة على اعتراف بلجيكا بدولة فلسطين، كما طالبت الخمسة أحزاب  من الائتلاف الحكومي، الا انه عبر مرار عن ادانته للعدوان الإسرائيلي، بل حتى زار معبر رفح مع نظيره الاسباني ويدعم دائما وكالة الأونروا وانه يحق لبلجيكا انتقاد سياسة الحكومة الإسرائيلية ويطالب لشكل دائم بوقف اطلاق النار وإدخال المساعدات العاجلة لقطاع غزة.