العين عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : الإنجاز حين يُترجِم معاني الاستقلال
من عيدٍ إلى عيد، تتنقل أيام الفرح في الأردن، ويبقى عيدنا الأكبر أن تأتي المناسبة الأغلى على القلوب، وهي عيد استقلال بلادنا الحبيبة، وهي تزهو بالأمن والاستقرار وعلى رأسها سيد الرجال، وحامي الاستقلال، ومعزز الأمان، جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمين، الفارس الهاشمي، سمو الأمير الحسين بن عبدالله حماه الله.
ليس بالكلام نحتفل، بل بالإنجاز، وليس بسرد تاريخ هذا البلد الطيب وحسب، فالتفاصيل يعرفها القاصي والداني، وكيف تحطمت على أسوار صمود وولاء وانتماء الأردنيين، أعتى المؤامرات، لتبقى سفينة هذا الوطن تمخر عباب البحر بأمان، لكن الاحتفال الحقيقي يبقى بذكر المنجزات، ولعل أولها وأهمها أن ابن هذا البلد يعيش مطمئناً، آمناً، ويزهو بالكرامة وعِزّة النفس والكبرياء، فهذا ما يميز الأردني ويجعله محل "تأشير" في كل بقاع الأرض، فهنا أرض الرجال كابراً عن كابر.
ليس ببعيد عنا أن تَوَّج جلالة الملك حياتنا السياسية بتطوير لطالما تمنته أعتى ديمقراطيات الأرض، فأطلق العنان لحوار سياسي وطني أشرك فيه حتى كل من خالف أو اختلف، مع الدولة، فاشتغلت ماكينة الحوار تحت مظلة الديوان الملكي الهاشمي العامر، وبرعاية ومتابعة حثيثة من لدن جلالته ومن سمو ولي العهد، فكانت النتيجة بتعديلات على الدستور، وبولادة أحزاب انطلقت لتشتبك مع الجماهير في كل كبيرة وصغيرة ليتولى الشعب بالنهاية، السلطة، بدءاً من البلديات ومجالس المحافظات، مروراً بمجلس النواب، وصولاً إلى رئاسة الحكومة، فهذه "خطة طريق" كاملة متكاملة وضعها "رأس الدولة" حتى يكون الشعب سيد نفسه، وما هذا إلا تكريس لمعاني الاستقلال الحقيقية، وحفظ لعهد الأجداد الهاشميين، وترجمة للدستور، روح الدولة، بأن الشعب مصدر السلطات.
وفي الشق الاقتصادي، ولأن جلالة الملك حفظه الله، قائد يشتبك بشكل يومي مع شعبه، ويتلمّس حاجاته وحاجياته، فقد أطلق خطة "التحديث الاقتصادي" على غرار "السياسي"، ودارت كذلك ماكينة "حوار الاقتصاديين" لتنتج قوانين وأنظمة تعمل على تمكين الاقتصاد الوطني ليصبح أكثر ديناميكية لا سيما في الشقين الاستثماري والانتاجي، وفي كافة القطاعات، ولأن هذا كان الشغل الشاغل لجلالته منذ توليه سلطاته الدستورية، فقد أفضى الاهتمام الملكي بالاقتصاد إلى كثير من النتائج لعل أهمها ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 36 مليار دينار خلال العام 2023، وارتفاع الصادرات الأردنية من السلع إلى 8.273 مليار دينار السنة الماضية.
وعلى صعيد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فقد ارتفع من 1278 دينار في سنة 2001 إلى 3133 دينار في العام الماضي، هذا في الوقت الذي وصلت فيه احتياطيات الأردن من العملات الأجنبية إلى ما يقارب 18.2 مليار دولار خلال العام الماضي.
هذه الأرقام، وفي هذه العجالة، تؤكد بأن النهج الأردني الذي اختطته القيادة الهاشمية منذ استقلال الأردن، كان يركز على ضرورة مواكبة كل تطور اقتصادي، والاشتباك مع اقتصاديات العالم عبر الاتفاقيات والتفاهمات التي تفضي إلى تنويع اقتصاد الأردن وجعله أكثر مرونة وقادر على التكيف مع كل الظروف، وقوي بحيث يتصدى لأعتى "الهزات"، فهذا القطاع هو أحد الأسرار الكامنة وراء صمود الدول، وهذا ما كان، فمثلما تلاحم الأردنيون للحفاظ على بلدهم في وجه "أخبث المؤامرات"، فقد تساندوا لحفظ الاقتصاد وحمايته ملتفين حول قرارات قيادتهم الأكثر "حِكمة".
ما زال الأردنيون، وفي يوم بعد يوم، يترجمون معاني الاستقلال على الأرض، ليس بالاحتفال فقط، بل بالإنجاز والولاء والانتماء، فهذا سر الأردن، وهذه إرادة الأردنيين.
هنيئاً لنا استقلالنا الثامن والسبعون، وهنيئاً لنا ملكاً عربياً هاشمياً يمتد بنسبه إلى جده سيد الخلق محمد صلوات الله عليه، وهنيئاً لنا "الأردن" وطناً لكل حر وشريف.