مشاعرنا مع الشعب الإيراني
كتب حمادة فراعنة.
نختلف مع إيران، نعم، بسبب تدخلاتها أو لاحتلالها جزر الإمارات العربية، لكننا لا نستطيع كعرب التخلص منها وإزالتها، فهي جار تاريخي، كنا معها وكانت معنا، نرتبط بها ومعها بقيم وتراث ومبادئ ومرجعية، مثلها مثل تركيا وأثيوبيا، بلدان كبيرة وقوية وثرية، ولأن لديها وعندها تستطيع أن تؤثر علينا وعلى مصالحنا، ولذلك ستبقى مصالحنا متداخلة معها في دجلة والفرات مع سوريا والعراق، وفي النيل مع مصر والسودان، وفي الحج والعمرة والمقدسات، والتبادل التجاري وغيرها من العناوين المتداخلة المتلاصقة.
المستعمرة الإسرائيلية لعبت أدواراً تاريخية لتفجير العلاقات العربية مع إيران وتركيا وأثيوبيا، لمعرفتها أن هذه البلدان لها تأثير علينا إيجاباً أو سلباً، فعملت المستعمرة على تغذية الخلافات العربية مع البلدان الثلاثة، لإضعاف العراق وسوريا ومصر والسودان، وحققت ذلك لفترات طويلة، حتى تحررت إيران وتركيا من نفوذ المستعمرة ومخططاتها، بل تحولت عاصمتي البلدين في سياساتها، بما يتعارض مع مؤامرات المستعمرة ومخططاتها.
إيران التي يختلف بعضنا معها تقف ضد المستعمرة علناً وبوضوح، داعمة لكل من حماس والجهاد الإسلامي، ومرجعيتها هي التي دفعت ولا تزال حزب الله اللبناني وأنصار الله اليمني والجهد العراقي لتكون مع معركة فلسطين وقطاع غزة ورافعة لها في معركة المواجهة الدائرة، وضد سياسات المستعمرة الهمجية المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني في معركته من أجل كنس الاحتلال وانتزاع الحرية والاستقلال، يحتاج لروافع تقف معه، ولا شك أن حزب الله وأنصار الله والجهد العراقي بفعلهم وأدائهم يقدمون هذه الروافع في معركة المواجهة الفلسطينية ضد الاحتلال، ولا يملك أحد الادعاء بغير ذلك.
نختلف مع إيران، وهذا شيء طبيعي، وإيران تتصرف وتفعل خدمة لمصالحها وتطلعاتها، وهذا شيء طبيعي تماماً، مثلما على العرب، كل العرب أن يتصرفوا ويفعلوا ويعملوا خدمة لمصالحهم، ومصلحة العرب أن تكون إيران وتركيا وأثيوبيا معهم، وعليه يجب أن نبحث عن المصالح المشتركة التي تتوفر ونمسك بها ونعمل على تعزيزها، وفي طليعتها عدم التدخل الإيراني والتركي والأثيوبي بالشؤون الداخلية لشعوبنا وبلداننا العربية، ولكن حتى نقطع الطريق على هذه التدخلات مطلوب معالجة مشاكلنا الداخلية، وتحصين جبهتنا بالتماسك والوحدة، وعدم المس بمصالح فئات شعبية كبيرة أو صغيرة، وعدم هيمنة أغلبية أو أقلية على سياسات ومصالح هذا البلد العربي أو ذاك.
لقد تمكنت العربية السعودية من نسج لقاءات ندية متكافئة مع إيران تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، ولذلك يمكن حقاً وفعلاً التوصل إلى تفاهمات وبناء علاقات صريحة واضحة تحترم المصالح وتعتمد على القواسم المشتركة.
نتعاطف مع الشعب الإيراني في حادثة رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي وصحبه الذين قضوا في رحلة الطائرة العامودية، ولا شك أن مواقف البلدان العربية التي أعلنت استعدادها لتقديم خدمات لوجستية، وعبرت عن مشاعر قياداتها نحو القيادة الإيرانية، مشاعر واقعية وعملية تتوسل حقاً بناء علاقات الصداقة والأخوة والجيرة الحسنة.
نختلف مع إيران، وهذا شيء طبيعي، وإيران تتصرف وتفعل خدمة لمصالحها وتطلعاتها، وهذا شيء طبيعي تماماً، مثلما على العرب، كل العرب، أن يتصرفوا ويفعلوا ويعملوا خدمة لمصالحهم، ومصلحةُ العرب أن تكون إيران وتركيا وأثيوبيا معهم، وعليه يجب أن نبحث عن المصالح المشتركة التي تتوفر ونمسك بها ونعمل على تعزيزها.