التحالف الصيني-العراقي: شراكة اقتصادية توسع نفوذ الصين في الشرق الأوسط

بقلم: م. رائد الصعوب

في تحوّل استراتيجي لافت للنظر، أصبحت العراق أحد أكبر المستوردين للصين وثالث أكبر مصدري النفط إليها، وهو ما أثار دهشة العديد من القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. يتزامن هذا التحول مع فوز ست شركات صينية بمشاريع تطوير حقول النفط والغاز في 12 محافظة عراقية، دون أن تحظى أي شركة أمريكية بعقود، مما يعكس تغييرات جذرية في خارطة النفوذ الاقتصادي والسياسي في المنطقة.

العراق، الذي يسعى لتطوير مخزوناته الهائلة من الغاز لتلبية احتياجات الكهرباء، شهد في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في التبادل التجاري مع الصين، حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 50 مليار دولار، بعدما كانت تتذيل القائمة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

هذا النمو المتسارع في الاستثمار الصيني بقطاعي الطاقة والعقارات دفع الحكومة العراقية لتوقيع ثمانية اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الصين، تشمل تطوير البنية التحتية وإقامة مشاريع كبرى في البلاد. ولكن، يبقى السؤال الأبرز: هل ستخرج الولايات المتحدة خاوية الأيدي من بلاد الرافدين؟

في الحلقة الأخيرة على اليوتيوب، ناقش الدكتور عبد الرحمن المشهداني، عضو فريق دعم الصناعة لرئيس الوزراء العراقي، والباحث في الشأن الاقتصادي والمصرفي، سيف الحليفي، هذا الموضوع بعمق. أوضح الدكتور المشهداني أن الجولة الأولى من التعاقدات شهدت حضور 12 شركة من جنسيات مختلفة، بما فيها شركات روسية، فرنسية، بريطانية، وإيطالية، ولكن اللافت كان غياب الشركات الأمريكية.

الشركات الصينية، بتقديمها عطاءات بأقل الأسعار، استطاعت الفوز بتطوير حقول نفطية ضخمة، بينما تركزت الاستثمارات الغازية في رقعتين فقط في الموصل والفراتين، وهو ما أثار استغراب الخبراء. وأكد الدكتور المشهداني أن الشركات الصينية التسعة التي حصلت على العقود كانت تقدم عطاءات مغرية جعلتها تتفوق على منافسيها.

من جانبه، أكد الباحث سيف الحليفي أن هذا التحول يعكس الصراع الاقتصادي بين المحور الصيني والأمريكي، مشيراً إلى أن الصين أدركت خطورة الوضع بعد استبعادها من حوض الفو وميناء الفو. وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول جاهدة جعل الهند بديلاً عن الصين في المنطقة، في حين تسعى الصين لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي عبر استثماراتها الضخمة في العراق.

في الختام، يبدو أن العراق مقبل على مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع الصين، قد تعيد رسم ملامح النفوذ الجيوسياسي في المنطقة. بينما تحاول الولايات المتحدة التحرك لتعويض خسائرها، يبقى السؤال حول كيفية تفاعل العراق مع هذه التطورات والتحديات الناشئة عن هذا التحالف الجديد.