قرار مجلس الأمن بوقف الحرب

د. محمد المومني 

أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لنهاية شهر رمضان المبارك. القرار صوت لصالحه 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن الـ 15، والجديد أن الولايات المتحدة، وهي العضو الدائم بالإضافة لبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، لم تستخدم حق النقض الفيتو لمنع مرور القرار، واكتفت بالامتناع عن التصويت. القرار الأميركي بالامتناع لاقى ردود أفعال دولية كبيرة وجدت فيه تحولا في السياسة الأميركية نحو سياسة إسرائيل في غزة، ورفع الغطاء الدبلوماسي والسياسي عن حكومة نتنياهو. الولايات المتحدة نفت أن يكون قرار الامتناع عن التصويت يعبر عن أي تغير في سياستها، مؤكدة انها دوما دعمت وقف إطلاق النار بما يخدم الإفراج عن الرهائن. القرار بالنهاية غير ملزم لانه صدر بالاستناد للفصل السادس وليس السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي تستطيع إسرائيل الاستمرار في عملياتها لكن تلك العمليات تكون مخالفة لقرار أممي دولي.

 

 

الموقف الأميركي اللافت يعد المؤشر الأوضح للآن على تنامي ضيق صدر العالم وأصدقاء إسرائيل بسلوكها في غزة، فالعالم يفقد صبره والعمليات العسكرية التي تخوضها إسرائيل ذات أهداف غير قابلة للتحقيق، وهذا كله جعل الرأي العام العالمي يتصاعد لجهة النقدية تجاه إسرائيل. سلوك أميركا رسالة لنتنياهو اننا لن نبقى داعمين كمن يوقع شيكا على بياض، واننا قادرون على استخدام أوراقنا وتقنين الدعم، وأول ارهاصات ذلك رفع الغطاء جزئيا عن إسرائيل في مجلس الأمن، ليصوت لوقف النار كافة أعضاء مجلس الأمن مع امتناع أميركا، وهذا يدلل على عزلة حكومة نتنياهو دوليا بسبب ما تقوم به في غزة. الامتناع عن التصويت رسالة تحمل رمزية مهمة في أن أميركا تؤثر وتقود ولا يمكن لها ان تستمر بالتنظيف وراء التدمير الذي تحدثه سياسات نتنياهو التي تخلق الكثير من الاعداء وتبعد الأصدقاء. القرار لا يعد تغيرا إستراتيجيا في السياسة الأميركية نحو إسرائيل، وانما محاولة لدفع حكومة نتنياهو بالاتجاه الذي تراه أميركا هو الأصح، سواء في مفاوضات الرهائن في قطر أو الحديث عن اقتحام مزمع لمدينة رفح الغزية المزدحمة.

 

نتنياهو سرب للإعلام أنه سيلغي زيارة وفد إسرائيلي لأميركا لنقاش عملية رفح المزعومة والتي أبطأت أميركا حدوثها للآن. تلك بهلوانيات إعلامية، لان إسرائيل لن تستطيع الدخول بتلك العملية دون الاسناد العسكري والأمني والتقني الأميركي والغربي، ناهيك عن قدرة مصر التأثير بالمشهد العسكري القريب جدا على حدودها. الدعم الأميركي والغربي لا غنى عنه والا فالتكلفة العسكرية والإنسانية والسياسية ستكون طائلة على إسرائيل ونتنياهو الذي يخسر يوميا بسبب إدارته للمشهد بانتهازية متناهية. حتى ترامب وهو الحليف الأكبر لليمين الإسرائيلي يقول لإسرائيل ان العملية يجب ان تنتهي وأن إسرائيل تخسر الكثير من الأصدقاء كلما استمرت هذه العملية بتكلفتها الإنسانية الباهظة.