العام 2022 .. قراءة اقتصادية

كتب: د. رعد محمود التل

 

تشير تقارير البنك الدولي إلى أن العام 2022 شهد انتعاشا اقتصاديا غير مستقر ومتفاوت. رغم أن التنمية العالمية واجهت أزمات عدة كما ساهم تباطؤ النمو في عكس مسار التقدم للحد من الفقر، فضلاً عن زيادة الديون العالمية.

الأزمات استمرت في العام 2022 بإعاقة النمو العالمي. وقد شهد الاقتصاد العالمي أشد تباطؤ في أعقاب الانتعاش بعد الركود منذ العام 1970، وقدرة المستهلك العالمي آخذة في الانخفاض بالفعل بسبب الانكماش الحاد مقارنة بفترة ما قبل الركود.

وقد شهدت أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم – الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو – تباطؤًا حادًا في النمو. طبعاً في مثل هذه الظروف، فإن حدوث صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي العام المقبل يمكن أن يغرقه في الركود وحسب البنك الدولي.

لقد شكلت جائحة كورونا أكبر انتكاسة للجهود العالمية للحد من الفقر منذ عقود، وكان الانتعاش متفاوتًا إلى حد كبير. ومع نهاية العام 2022، يمكن أن يعيش ما يصل إلى 685 مليون شخص في “فقر مدقع”، ما يجعل العام 2022 ثاني أسوأ عام لجهود الحد من الفقر في العقدين الماضيين (بعد العام 2020). بالإضافة إلى الآثار المستمرة للوباء يشير البنك الدولي، إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، لا سيما بسبب الحروب والصراعات مثل الحرب في أوكرانيا، وقد أدى ذلك إلى إعاقة التعافي الاقتصادي السريع. ومن المتوقع الآن وحسب تقديرات البنك الدولي أن 7 % من سكان العالم – حوالي 574 مليون شخص – سيظلون في فقر مدقع في العام 2030 – وهي نسبة عالية جدًا مقارنة بالهدف العالمي البالغ 3 % في العام 2030.

العام 2022 شهد تفاقم أزمة الديون التي تواجه البلدان النامية. فقد ارتفعت مستويات الدين العام في البلدان النامية على مدى العقد الماضي، مع وجود ما يقرب من 60 % من أفقر بلدان العالم إما في مديونية حرجة أو ضعيفة. وحسب البنك الدولي لا تستطيع أفقر دول العالم، والتي تعاني من أعباء ديون متزايدة، القيام باستثمارات حساسة في الإصلاح الاقتصادي، أو الصحة أو التعليم. ولعل الأهم من ذلك هو أن تكوين الدين قد تغير بشكل جذري منذ العام 2010، حيث يلعب الدائنون من القطاع الخاص دورًا أكبر بشكل متزايد.

فبحلول نهاية العام 2021، بلغ الدين العام المستحق للدائنين من القطاع الخاص 61 % من الدين العام الذي تضمنه الحكومة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفقًا لتقرير الديون الدولية لعام 2022. طبعاً في وقت يعاني منه النمو العالمي من الركود – سوف تزداد المخاوف من حدوث “ركود تضخمي” عالمي أعمق!

كما شهد العام 2022 ارتفاعًا حادًا في انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم. تضافرت آثار الحرب في أوكرانيا، وارتفاع التضخم، وتعطل سلاسل التوريد، وتراجع النشاط الاقتصادي العالمي لتؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار العديد من المنتجات الزراعية والمدخلات، مثل الأسمدة. واستجابة لذلك، قامت مجموعة البنك الدولي بمبلغ 30 مليار دولار لمعالجة انعدام الأمن الغذائي على مدى 15 شهرًا حسب البنك الدولي!

يؤكد البنك الدولي أنه وحتى قبل الوباء، كان العالم يواجه أزمة في التعلم واكتساب المهارات، حيث تسبب إغلاق المدارس لفترات طويلة في خسائر فادحة في التعلم.

وتشير تقديرات البنك إلى أن معدل فقر التعلم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قد يكون قد ارتفع إلى 70 % في العام 2022 وهذا يعني فعليًا أن جميع المكاسب التي تحققت في الحد من فقر التعلم منذ العام 2000 قد ضاعت على الأرجح. إذا لم يتم عكس هذه الخسائر، هذا طبعا سيؤدي إلى التقليل من الإنتاجية المستقبلية، كما أنه سيضر بالآفاق الاقتصادية لتلك البلدان وقد يؤدي إلى زيادة عدم المساواة بحسب البنك الدولي.