هيا العطيات.. قصة شغف تحلق في سماء الرسم
بوجوه وأشكال متقنة، يشعر الناظر أن بين يديه شيئا حقيقيا ملموسا، فالدقة المتناهية، والعيش داخل تفاصيل اللوحة، والشغف اتجاه الفن وأدواته؛ كان الطريق الذي مشت فيه الفنانة الشابة هيا العطيات لينعكس على ما تخطه ريشتها.
“الرسم عالم يشعرني بالإنجاز والفخر بنفسي وأدواتي”، بهذه الكلمات بدأت العطيات حديثها، وهي التي تخطت عقبات كثيرة وانتقلت من مجال دراستها في تخصص الهندسة الزراعية للغوص في عالم الألوان لتكون ذات موهبة مميزة في عالم “البورترية” الآن ومستقبلا.
موهبتها لم تأت عبثا، ولوحاتها باتت محط أنظار وتعرض بالكثير من المعارض الفنية، لتكون الإشادة التي حصلت عليها من معلمتها في الصف الثالث الإبتدائي آنذاك، البداية نحو حب الفنون والتصميم على حفر اسمها بهذا العالم.
تقول العطيات “وأنا بالصف الثالث قمت بتقديم لوحة بسيطة جداً ومعلمتي آنذاك أرسلتني لمديرة المدرسة حيث أثنت علي وشجعتني للاستمرار وشعرت بسعادة لا يمكن أن أنساها”، ومن هنا انطلقت في عالم الفنون لتشارك في كل مسابقة ومعرض فني لطلبة المدارس.
يوما بعد يوم؛ تعلقت بالفنون لتحترف وتتميز في هذا المجال.
تقول العطيات أنها منذ طفولتها كانت تتابع التفاصيل الدقيقة في برامج الأطفال، وكانت “الطفلة التي تجذبها الأقلام الملونة ودفاتر الرسم بأغلفتها اللافتة”، وتتأمل بدقة رسم الشخصيات، توقف الصورة وتبدأ بالنقل على دفترها، فكانت بداياتها برسم الكرتون، وشغف الطفولة هو سبب استمرارها وتطورها.
ووفق العطيات، فإن الأهل والمعلمات كان لهم دور كبير في مساعدتها على تنمية موهبتها، فكانوا داعمين لها، بالاستمرار والتطور، وكان والداها يعمدان إلى تعليق لوحاتها في البيت لإشعارها أنها مميزة. أما مدرستها في المرحلة الثانوية فكانت دائماً ترشحها لعمل لوحات تعليمية حائطية ورسومات وطنية يتم تزيين ممرات المدرسة بها، عدا عن تميزها في مجال أنواع الخطوط العربية.
وبعد التخرج من الجامعة، وبفترة البحث عن العمل، عادت العطيات للرسم بعد انقطاع، وميولها آنذاك توجه نحو فن رسم “البورتريه”، مشيرة إلى أنه يعتبر من أصعب الفنون، وبدأت بتطوير نفسها منذ مرحلة “الصفر” على حد تعبيرها.
ورغم الانتقادات في البداية، ولكن استمرت ووجدت في مواقع التواصل الاجتماعي طريقها لعرض رسوماتها، رغم إدراكها للأخطاء، وتقول “أطور قدراتي باستمرار وأعيد وأكرر لأتقن ما بدأت فيه.. لكن الأهم هو بقاء الشغف”.
وتصف العطيات تلك المرحلة بقولها “بعد العديد من التجارب الفاشلة والرسومات السيئة والأوراق الممزقة والسهر لساعات طويلة والتركيز بمتابعة فيديوهات رسم على اليوتيوب لرسامين محترفين.. بدأت أجني الثمار وانتقلت لمستوى متطور أكثر وخرجت من دائرة الرسامة المبتدئة إلى المتقدمة”.
بدأت العطيات الرسم بالرصاص والفحم والألوان الخشبية، ورسم “بورتريه”، والرسم التجريدي، وأمسى لديها صفحة عبر “الفيسبوك” يتابعها الآن ما لا يقل عن 17 ألف متابع من محبي لوحاتها.
ومن التحديات التي واجهتها العطيات خلال رحلة تعلمها الفنون، كما تقول “غياب التقدير بالجهد المبذول لإنجاز لوحة ما” من قبل بعض المحبطين، لكن لم تجعل ذلك يقف عائقا بينها وبين تحقيق أحلامها.
ولكن، الآن هي فنانة تشارك في العديد من المعارض وأصبح لديها شبكة علاقات واسعة في مجال الفن، والتي اتاحت لها الاستماع إلى كلمات الثناء والتشجيع والتحفيز للاستمرار، ووسعت من دائرة معارفها بمجتمع الرسامين.
تطمح الآن إلى أن انشاء المعرض الفني الخاص بها، وعمل مشروع مميز ومختلف عما يقدمه الآخرون في مجال الرسم. تقول؛ “كنوع من الامتنان لموهبتي كنت وما زلت لا أبخل بأي معلومة حصلت عليها جاهدة في مجال الرسم، فأقوم بالرد على كافة استفسارات من يراسلونني وأفيدهم قدر الإمكان بهذه المعلومات الفنية.. أشجع المبتدئين وأوجههم وأغرس دوما شعار الرسم موهبة يمكن اكتسابها بالتدريب”.
وتختم بالقول “هناك موهبة لدى كل شخص أو بالأحرى لدى كل طفل وليس من الضرورة أن تكون عالمية أو بمستوى متقدم، ولكن بكلمة وتشجيع وثناء تتجذر وتنمو وتكبر.. فلا تبخلوا بقولها لبعض”.- (تغريد السعايدة- الغد)