العثامنة يكتب: التغيير الشامل المطلوب

مالك العثامنة

التغيير في الإدارة الأميركية كان له تداعياته على العالم كله، فالسياسات في واشنطن تغيرت بالكامل وأخذت منعطفات واستدارات جديدة ومفاجئة.
وهذا يعني مواجهة تلك السياسات الجديدة والمفاجئة بمنهجية مختلفة وأدوات تناسبها وتعرف كيف تتعاطى معها.

الزميل الأستاذ حسين الرواشدة يكتب مقاله الأخير في الزميلة الدستور، تحت عنوان صاغه على شكل سؤال: كيف نستدير للداخل: الدولة والشارع معاً؟
وهو سؤال متشابك الإجابات حاول الرواشدة أن يطرح فيه بعضا من المعالجات وكثيرا من التشخيص، ولا أجد نفسي إلا متفقا معه في السؤال وكثير من "مشروع الجواب" الذي حاول بناءه.
ومن أكثر الأفكار اللافتة التي أتفق معها كحالة نداء موجهة لصانع القرار قول الرواشدة في مقاله: (الاستدارة إلى الداخل تحتاج إلى بناء "خزان إستراتيجي" لتقديم الأفكار والمقترحات). 
حان الوقت بل لزمت الضرورة الحيوية للدولة وصناع القرار فيها أن تبدأ بتعبئة الخزان الفارغ من الأفكار بتلك الأفكار والمقترحات على كل تعدديتها وتعدادها، فكل فكرة لها وزنها وثقلها في توقيتها المناسب.

الفكرة لا يمكن أن تجد لها طريقها بدون تغيير الأدوات الحالية التي قدمت ما قدمت من جهد وعمل "مشكورة" في اجتهاداتها التي ربما – نقول ربما- كانت ذا نفع في مرحلة انتهت بكل ما فيها من تفاصيل.
اليوم، نحن أمام إدارة أميركية شرسة في طروحاتها، ومواجهة تلك الطروحات "المتجددة يوميا" تحتاج هدوءا وعقلا باردا وفريق عمل متناغما تحت سياسة صانع القرار ورديفا له في كل التفاصيل.
الدبلوماسية الأردنية استطاعت أن تتناغم مع "الشارع" الغاضب منذ السابع من أكتوبر، وكانت الظروف الدولية "وإلى حد ما الإقليمية" تسمح بمناورات تلامس مواضع الخطر وربما تجاوزتها مما يجعلنا تحت طائلة دفع استحقاقات مؤجلة كلفتنا إياها تلك المواقف التي فرضتها "الضرورة" حينها، لكن الدنيا "مع الإقليم" تغيرت بالكامل، ونحن أمام يمين أميركي محتد ومتفاهم إلى حد كبير مع يمين إسرائيلي منتشٍ بدمويته حد التوسع والانفراد والغطرسة.
نحن نملك "جغرافيا سياسية" هي نقطة قوة إن قمنا بالحسابات جيدا، ونقطة ضعف حساسة إن لم نحسب التفاصيل كما يجب بواقعية.

الجوار الإقليمي المباشر لحدودنا من كل الجهات يحتاج إدارة دبلوماسية جديدة للتفاهمات والتحالفات ومشاريع التكامل على أسس المصالح المشتركة وتعظيمها، وهذا يتطلب دماء جديدة في قنوات صناعة القرار بعيدا عن "ضجيج التصريحات" التي يتم توظيفها لعبور "أزمة الشارع" فقط.
أفكار جديدة وعميقة وإستراتيجية تلتفت للداخل الأردني من منطلق مصلحة الدولة التي هي للجميع من مواطنيها بلا استثناء.
وهذا يتطلب تغييرا نتوقعه ونترقبه ونتطلع إليه.