واشنطن وساعة الصفر

{title}
أخبار الأردن -

ابراهيم ابو حويله

فرنسا وبريطانيا تتصارعان على النفوذ في الأرض الجديدة ، وحروب تقوم هنا وهناك بينهما ، ومستعمرون من شتى مناطق أوروبا تستعمر هذه الأرض الجديدة استعمارا استطانيا احلاليا ، وتعمل على تفريغ الأرض من أهلها بشتى الوسائل الشرعية وغير الشرعية ، مع انه ايضا كان هناك ارض فارغة كانوا يقدرون على السكن فيها ولكنهم ارادوا كل شيء ، وهناك مساحات كبيرة شاسعة فارغة ما زالت بدون أثر للعمران في هذه البلاد إلى يومنا هذا . 

لم يكن جورج واشنطن الذي هاجر والده من انجلترا وما زال منزله التاريخي موجودا إلى اليوم هناك ، معني بشكل كبير في هذه الحرب ، مع انه كان عقيدا في الجيش البريطاني ، ولكن ما احدث التغيير هو الضريبة . نعم الضريبة دفعت بالسخط الشعبي في هذه المناطق المستوطنة إلى حد تشكيل قوات ورفض التمييز الذي كانت تمارسه بريطانيا بين مستعمراتها ، فقد خفضت الضريبة على الشاي عن شركة الهند الشرقية ( ولا يغرنك الأسم الشركة مملوكة للملكة البريطانية ) ورفعت الضريبة على المستعمرات الأمريكية على الأخشاب وغيرها . 

وبدأت معركة التحرير بأحدى عشر ولاية وجيش يقوده جورج وانتصر في معركة سارتواجا لتبدأ الثورة ، وبدأ الحلم بالتحرر من التاج يرافق هذه الفئة ، وبدأت الأعداد والخبرات والأموال تنهال عليه ، ولكن بعد تعرضه لمجموعة من الهزائم المتتالية وخسائر كبيرة في الأرواح والمعنويات .

وصل الثائر إلى ساعة الصفر ، فقد كانت الثورة تفقد زخمها ، ورغم الدعم الفرنسي بالمال والرجال ، ولكن لم تستطع الثورة الصمود في وجه القوات البريطانية المدربة والمسلحة تسليحا جيدا ، وقد كانت تخسر معاركها معها ، وهذه الخسارة ساهمت بإنفضاض البشر والمال والدعم عن واشنطن . 

وصل جورج إلى ساعة الصفر في معركة بونتون 1776 وبعد هذه المعركة التي تعد حاسمة كان الأمر وصل نهايته فلو أنهزم في هذه المعركة سينتهي الحلم إلى الأبد ، وتصبح الولايات المتحدة مثل استراليا او نيوزلاندا وكندا تابعة للتاج البريطاني .

ولكن قرر جورج المقامرة في ليلة باردة تهطل فيها الامطار الثلجية وتسلل عبر نهر ديلاوير في ليلة رأس السنة وهاجم القوات البريطانية ومن معها من القوات الهندية التي كانت مدربة تدريبا جيدا ،انظر كيف يستعين المستعمر بقوات من مستعمراته في سبيل ابقاء هذه المستعمرات تحت السيطرة ، يضرب بعضها ببعض .

 وهكذا فعلت بريطانيا في عالمنا العربي ، فقد كانت تلعب على حلم التحرر تارة ، وعلى الأطماع تارة أخرى ، وعلى فرق تسد كما هو معلوم ، ومن المعلوم تاريخيا بأن الإنجليز كانوا من أذكى المستعمرين بحيث يسيطرون على مساحات شاسعة بأعداد قليلة في اماكن حيوية ، فقد كانوا يسمون المضايق البحرية ، مخانق بحرية في سبيل احكام السيطرة على الأرض والبشر والثروات والعباد ، وهم من لعب دورا حيويا في شق قناة السويس بدأ بشقها الفرنسيون . 

نعود لجورج يقول احد المؤرخين بأن أكثر القرارات عقلانية أتخذت من قبل أشخاص غير عقلانين في ظروف مستحيلة ، فلو اعتمد جورج على التحليلات والأخبار والنسب وموازين القوى ، وعلى أولئك الذين يقدمون المنطق والعقل والامكانيات ويبحثون عن ان تتوازن القوى ليتحركوا لما كان هناك امريكا اليوم،  ولما أقدم على خطوته التي كانت مقامرة بكل معنى الكلمة ، ولكنه وضع كل ذلك خلفه واتخذ قراره.

 وكان النصر حليفه ، وبدأت بعد ذلك كل الموازين بالتغير لصالحه ، فقد كانت هذه المعركة تحديدا السبب في اعادة الثقة المفقودة وتدفق المتطوعين وتغيير الموازين في هذه الحرب لصالح الثوار الأمريكان . 

هذه الحرب التي استمرت من 1752 إلى 1786  كانت نتيجتها امريكا ، ويبقى جورج واشنطن هو الأب المؤسس لهذه الأمبراطورية التي نراها اليوم والتي تسيطر على ربع الناتج الإجمالي العالمي وبعدد يتجاوز الثلاثمائة مليون تسيطر على كل المخانق على رأي الإنجليز في هذا العالم ، فترفع الضغط عن حليفها المجرم وتعاقب من يجرؤ على التطاول برفع اليد في وجه المخرز بالعقوبات والحرمان والحرب والدمار . 

هي ساعة سوداء من تاريخ العالم لكثير من الشعوب التي طالتها يد الظلم والبطش والتنكيل والقتل ، وتفتت أجسادها تحت وطأة اسلحتها واوطانها ومساكنها تحت وطأة الأسلحة التي تنتجها هذه الإمبراطورية بدءا من فيتنام وكمبوديا وصولا إلى فلسطين .

تلك الساعة التي قرر فيها جورج واشنطن عدم الإستسلام وشن طوفانه الخاص مع فرق التشبية ولكن لتقريب الصورة لبعض العقول على القوات البريطانية وحلفائها من الهنود ليصنع هذه الأمبراطورية ويكون اول رئيس والأب المؤسس لهذه الأمبراطورية وتنتهي حياته مع نهاية القرن الثامن عشر تقريبا 1799 بعد دورتين في الرئاسة. 

ساعة ولكنها غيرت تاريخ العالم وستغير إلى حين .

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير