لا نحتاج إلى رجال اقوياء ولكن إلى مؤسسات قوية ...
إبراهيم أبو حويله ...
العبارة استخدمها الرئيس اوباما في خطابه في البرلمان الكيني ، نعم تعاني افريقيا من عقدة الرجل القوي الخارق للطبيعة والمتصل بالدم المقدس عند بعض القبائل البدائية وما أظن ان ألأمر ابتعد كثيرا عند غيرهم.
نعم انها عقدة الدم المقدس والقوة المطلقة والإنسان السوبر على رأي نيتشه ، ذلك الإنتصار الذي يصنع الشخص فوق الطبيعي ، وهنا يحضرني الفرق بين الشرق والغرب ، بين فرعون وفرعون هل تختلف الأسماء والأزمان ، نعشق التقديس والتضخيم ، ونحن نحمل عقيدة صافية تقول عن شخص الرسول صل الله عليه وسلم ما هو إلا بشر مثلكم ، وعندما أرتعب الرجل بين يديه قال هون عليك ما أنا إلا إبن إمرأة كانت تأكل القديد في مكة ، ويخبرني القرآن صراحة بأنه شخصه الكريم رسول قد خلت من قبله الرسل وأنه معرض لما هم معرضون له ، وأنه قد يقتل أو يموت سنة الله في الذين خلو من قبل .
اسوق هذا الكلام بين من يرفع ومن يخفض ، نحن أبناء منهج نحترم الصواب ومن يقوم به ، ونرفض الخطأ ونحاول ان نصوب من يقوم به ، ولا يهمنا شخص بعينه مهما علا شأنه فكلنا لآدم وأدم من تراب ، عندما يتم تعظيم الصواب وشأنه يعلو أصحابه به ، وعندما نقف للخطأ بالمرصاد من أي جهة صدر نكون يد واحدة ونستحق النصر والتمكين ، عندها يكون محركنا ونقطة انفعالنا هي المنهج الرباني وليس التبرير والتعليل والتورية والتقية .
وعندها من الممكن أن نحاسب المنهج لماذا حدث هذا ولم يحدث ذلك ، ولكن في ظل الأوضاع الراهنة نحن نسير خبط عشواء في هذا الكون نصيب ونخطىء ونطالب ان تحدث النتيجة كما نريد ، نحن نذهب إلى الإمتحان بدون استعداد ، وندخل المعركة بدون إعداد ونشكل احزابا وجماعات وفرق ونسأل الله ان يوفقنا جميعا وينصرنا جميعا بحسب رغبة كل واحد منا ، حتى لو تعارضت طرقنا واختلفت مشاربنا وكل منا يزعم بانه صاحب الحق ويجب أن ينتصر .
إختلف أبناء صلاح الدين بعده فكانوا سبب الهزيمة وضياع نصر إباهم ، هل إستطاع صلاح الدين أن يحرر أمة ويحرر بيت المقدس ولكنه لم يستطع ان يحرر أبناءه ، وهنا اقول بأن المقدس مقدس وليس الشخص مهما علا مقدس ، فما قام به صلاح الدين رضي الله عنه في جهة هو من جنس ما قام به معاوية رضي الله عنه في الجهة الأخرى ، انجاز كبير وتوريث مخالف للمنج ونهاية مخالفة لما يريده المنهج ، واختلاف أمة وضياع انتصار وتمكين اعداء ، نعم هم لم يسعو لذلك ، ونعم الكثيرون بعدهم لم يسعى لذلك ، ولكن كل واحد منّا خالف المنهج وخالف الصواب كان له دور ، او سيكون له دور فيما نحن فيه .
بقدر الصواب نقترب وبقدر الخطأ نبتعد ، ولك أن تسير حسبما تريد ، والنتيجة مرتبطة تماما بما تقوم به من فعل أوإنفعال تجاه الاحداث المتلاحقة ، وهنا طبعا اقدر ان ليس الجميع على قدر المعرفة والتحليل والحدث ، ولذلك حثنا القرآن على أن تنفر منّا طائفة هم أهل علم وقدرة وقدر وعقل وخبرة ولديهم الوسائل والأسس التي يستطيعون بها تحليل الحدث والوقوف على ابعاده ، وإن لم تتشكل هذه الجماعة ضاعت الأمة كما ضاعت الأمة في مفاصل كثيرة قبل ذلك ، وكما ضاعت انتصارات وانجازات كبيرة نتيجة لشخص ضعيف غير مؤهل تسلم زمام الأمر وهو ليس أهل له وهو لم يدرك عظم الأمانة ولم يدرك ضعفه ، فقد وصل الأمر بالملك أيوب أن يتصل بالصليبين ويعرض عليهم الإستسلام ويسلمهم بيت المقدس وجميع المناطق المحيطة به ويعطيهم عشرين من أقاربه ويدفع لهم مبلغا ضخما في سبيل ايقاف حملتهم على دمياط .
اليوم ما زلنا بعيدين عن النهاية فما زالت المعطيات ضخمة على التحليل والإحصاء والمعرفة ، والعدو يكتم بحرص وذكاء تحركاته وخسائره وخطواته ، حتى المنتصر في المعارك عنده خسائر وقد تكون الخسارة اكبر ولكنه صبر وتحمل حتى يحصل على إستسلام الطرف الأخر.
في لعبة عض الأصابع الشهيرة عن الأتراك بأن الذي صرخ هو العربي ، ولكن عندما اظهر كل منهما اصبعه كان اصبع التركي محطما والعربي مجروحا فقط وانتصر من صبر، معذرة ولكن هكذا هي القصة .
تصل المعارك إلى مرحلة يصبح فيه التحمل زائدا عن القدرة ويفقد الإنسان عقله من هول ما يرى ، ولكن لو وضع نفسه في موضع الأخر لإتضحت الرؤيا ولصبر ، ولكن ولات حين مناص فقد انتهت المعركة ، ولذلك ندرك تماما ان النصر مع الصبر ومن يتحمل على جرحه وألمه اكثر هو الذي ينتصر في النهاية حتى لو كانت خسائره أكبر .
نعم قد يكون العدو هو اكثر عدّة وعتاد ولكن هل لديه القدرة على الصبر إلى النهاية وما هي تلك النقطة التي ينكسر عندها ، ونعم تكون الخسارة للمقاومين اكبر وأكثر الما وعددا في الضحايا ، وكيف لا وهنا تقف كل قوى الشر العالمية صاحبة السطوة والعلم والتكنولوجيا المتطورة في خدمته ، لا بل هي شبكة واحدة متكاتفة متعاضدة تمد بعضها بعضا بكل ما يلزم حتى ينتصر حليفها وشريكها وذراعها وممثلها في المنطقة ، ولن تقف مكتوفة الأيدي مهما كان الثمن كما نقف .
في ظل التحديات التي تعصف بالعالم اليوم يقف المسلمون السنة بدون دولة محورية كما اشار اكثر من باحث ، فقد كانت هذه المنطقة دائما فيها دولة هي حجر الرحى في التوازنات الدولية ، واليوم استطاع الغرب تفتيت هذه المنطقة وتفتيت المصالح والمغانم والمغارم فيها ، فأنت في نعمة وتسعى للمحافظة عليها وليس من مصلحتك الدخول في معارك خاسرة مع احد حتى لو كنت فقط تنتظر في الدور حتى ينتهي العدو من الثور الأبيض ، بل قد تحقد عليه لأن هذا الثور جر المنطقة إلى المجهول كما يحلو للبعض أن يقول ، يا هذا ان كان يجب أن تموت فمت بصمت ودعنا منك هذا حال بعضهم .
وحتى لو قال العدو بأن ما حدث كان حدثا عظيما غير وجه المنطقة إلى الأبد .