الأردن والتوازن بين الدفاع والدبلوماسية
ممدوح سليمان العامري
تُعد عملية ايجاد التوازن بين الدفاع والدبلوماسية والمحافظة عليها من أهم التحديات التي تواجه دول العالم، خاصة في منطقة مثل الشرق الأوسط حيث تتقاطع وتتداخل المصالح الإقليمية والدولية وتتفاعل بشكل معقد.
الأردن، كدولة مركزية في هذه المنطقة المضطربة، يسعى دائماً إلى الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين القوة الدفاعية والدور الدبلوماسي، باعتبارهما ركيزة أساسية لاستقرار المملكة وحماية مصالحها الوطنية.
في ظل التحديات والتهديدات المتعددة الموجودة في المنطقة لا يمكن إنكار أهمية وجود قوة دفاعية قادرة على حماية الدولة ومصالحها الداخلية والخارجية، فالأردن يحتاج إلى تعزيز قدراته العسكرية لضمان أمنه الوطني من خلال الاستثمار في تعزيز القدرات الدفاعية؛ مثل تطوير أنظمة الدفاع الجوي والمراقبة الحدودية، بالإضافة إلى تدريب القوات المسلحة على مواجهة التهديدات المستجدة، وبدون قوة دفاعية قادرة على تحقيق الردع، يصبح من الصعب على الأردن الحفاظ على حدوده وأمنه الداخلي في مواجهة التحديات المتزايدة.
إلى جانب القوة العسكرية، يتميز الأردن بدوره الدبلوماسي البارز والنشط في السعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي. فعلى مدى عقود، لعبت المملكة دور الوسيط في العديد من النزاعات الإقليمية والدولية، حيث يتبع الأردن سياسة خارجية متوازنة تسعى لتخفيف التوترات في المنطقة وإيجاد حلول سلمية للصراعات من خلال المفاوضات والوساطة، ما يجعله لاعباً دبلوماسياً مؤثراً يحظى باحترام الأطراف المتنازعة والمجتمع الدولي.
التحدي الذي يواجهه الأردن هو كيفية الدمج بين هاتين القوتين(الدفاع والدبلوماسية) بشكل فعال، فتعزيز القوة الدفاعية لا يعني التخلي عن الدور الدبلوماسي، بل يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة تعزز القوة العسكرية للدفاع عن البلاد، وفي نفس الوقت تدعم الجهود الدبلوماسية في إحلال السلام والاستقرار الإقليمي، والقوة العسكرية بدورها تساهم في توفير قوة ردع لأي تهديدات محتملة، بينما تسعى الدبلوماسية إلى إيجاد حلول طويلة الأمد لهذه التهديدات من خلال الحوار والمفاوضات.
يُعد الأردن نموذجًا ناجحاً في ايجاد مثل هذا التوازن والحفاظ عليه، فبينما يعمل على تعزيز قدراته الدفاعية وتطويرها، يستمر بدوره كوسيط ومبادر في حل الأزمات الإقليمية، هذا التوازن يمنح الأردن قوة استثنائية، حيث يمكنه التحرك بمرونة بين الخيارات العسكرية والدبلوماسية حسب الحاجة والموقف والظروف.
بهذا الأسلوب، يظل الأردن في مقدمة الدول التي تسعى للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وضمان أمنها الداخلي دون التصعيد أو التدخل العسكري المفرط.
التوازن بين الدفاع والدبلوماسية يعتبر من العناصر الحيوية الفعالة في استراتيجية الأردن الشاملة لحماية أمنه الوطني وضمان استقراره الإقليمي، وبينما تبقى القوة العسكرية ضرورية لمواجهة التهديدات والتحديات وتحييدها، تظل الدبلوماسية الخيار الأول لحل النزاعات من خلال الحوار والتفاوض، هذا التوازن يمكّن الأردن من لعب دور محوري في المنطقة، ويعزز من قدرته على الصمود في مواجهة التحديات المستمرة.