الأحزاب وانتخابات ٢٠٢٤ .. بين البرامجية والآيديولوجيا ..
سامي القرعان
مع كل انتخابات نيابية ، ياتي المترشح إلى جمهور الناخبين ليطلب التصويت له ، فيأتي أحد " الفاهمين " قافزا أمام المترشح بكبرياء المثقف الواثق سائلا : وشو برنامجك الانتخابي ؟
المشكلة هنا ليست بالمترشح ، فالمترشح أصلا قد لا يكون فاهما لقانون الانتخاب ، المشكلة في المثقف الذي لا يعلم أنه ليس من الضروري أن يكون للمترشح برنامج ، فعدم وجود البرنامج قد برنامجا أصلا - وينطبق ذلك على الأحزاب - وفي حال كان له برنامج قد يكون برنامجه في أحسن الأحوال تعبيد شارع أو واسطة لتعيين قريب له على الفئة الرابعة .
هذا حال المترشح " الفلت " ، فماذا عن المترشح الحزبي ؟
الأحزاب هي لعبة الصغيرة النخب المثقفة تحديدا ، وسؤالهم الذي لا يتوقف هو عن البرنامج الحزبي ، والنقد القاسي إذا لم يكن للحزب برنامج .
طيب .. حتى لو كان للحزب برنامج او كان للقائمة الحزبية برنامج ،، هل يعني ذلك أنني سأجلس مع أفراد عائلتي على طاولة السفرة ونفتش ونحلل برنامج الحزب سطر سطر أو قضية قضية ؟ هل لدي الوقت وطولة البال لذلك ؟ لنفترض أنني امتلك الشغف وطولة البال تلك ، فهل هذا ينطبق على الجميع وبمختلف المستويات الثقافية والفكرية ؟
بالمناسبة ..البعض يقول ان البرنامج الحزبي هو برنامج لآلية عمل الحزب الداخلية ، ولا علاقة له بكيفية تناولة للقضايا الوطنية الكبرى ، البرنامج الحزبي يعني أشياء أخرى من قبيل آليات اختيار الأمين العام أو حتى انتخاب المترشحين للانتخابات أو حتى إعداد مصاريف القهوة والشاي وغيرها .
أعتقد ان الحديث عن برامج حزبية ، او حتى برامج للقوائم الانتخابية ترف لا مبرر له في هذا الوقت تحديدا ، فنحن في بداية الطريق او في مرحلة " الحبو " ، والكثير من شعبنا لم يفهم حتى الآن الفرق بين القائمة المحلية والقائمة الحزبية العامة ، وبعضنا وبعض النخب حتى لا تعرف فلسفة وآلية عتبة الحسم وغيرها .
ثم ماذا لو تبنى حزب ما برنامج أو قضية مثل شق قناة تربط العقبة بالبحر الميت لتحلية وحل مشكلة المياه ، ولم يستطيع الحزب تنفيذ ذلك لأسباب مالية او حتى سياسية ؟
يا سادة ..هناك شيء اسمه الأيديولوجيا ،والناخب يختصر على نفسه قراءة كل البرامج .
المفروض ان الناخب يعرف أن لليمين مثلا سماته الأيديولوجية الخاصة المعروفة ، و كذلك الحال بالنسبة لليسار والوسط ، ومعروف كيف يتعاطى اليمين مع قصايا الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها ، وينطبق الحال على الوسط واليسار .
نحن لم نصل إلى هنا ..لذلك من المبكر علينا ان نتحدث عن البرامج التي يجب ان تكون أيديولوجيا .
في انتخابات ٢٠٢٤ ، قد نلمس بداية تحولات خجولة وبطيئة على أساس ايديولوجي ربما تتصح معالم ذلك اكثر في انتخابات ٢٠٢٨ أو ٢٠٣٢ .